السادس والثمانون

1.9K 232 329
                                    

أتى الصباح صحواً، مبشِّراً بيومٍ مشرقٍ، رغم البرودة القارصة التي استحكمت الليلة الماضية.

فتحت "ساشا" بابَ حجرةِ "جايسون" بعد أن أحدثت طرقةً وحيدةً، إذ كانت واثقةً من وجوده في انتظارها بما أنَّه من طلب رؤيتها.

أدخل كفَّيه في جيبي بنطاله وهو يشير إليها بالاقتراب حيث يقف بجوار الطاولة التي تنتصف الحجرة، وعلى جانبيها مقعدين موسدين.

لاحظت "ساشا" أنَّ تلك الطاولة الدائرية ضمَّت صحناً خزفياً احتوى على قطعةٍ من بودينغ العيد. توقفت بجانبها لترفع عينيها الجذابتين إلى سيدها الواقف خلف أحد المقعدين آمراً إياها بالجلوس. احتلت المقعد المواجه له وهي تعلم ما سيقوله:

- هذه القطعة من قلعة البودينغ الخاص بنا. فلنكتشف معاً ما سيحمله عامك الجديد.

منحته نظرةً معاتبةً موضِّحةً:

- أخبرتكَ سيدي أنَّني أفضِّل البقاء دون حظٍ على أن أحظى بفألٍ سيء.

- إذاً فأنتِ ببساطةٍ تتشائمين من وجودي قربك.

- بل تعلم جيداً أنَّني أخشى مجرد التنبؤ بخسارتك.

أمرها ببساطةٍ شديدةٍ بتناول الحلوى متجاهلاً عبوسها الجميل فما كان منها سوى الانصياع لرغبته الملحَّة.

تناولت القليلَ منها قبل أن يعلق طرف شوكتها بقطعةٍ صلبةٍ؛ أكَّد وصولها إلى الحظ الذي تحتويها قطعتها.

تسارعت نبضاتُ "ساشا" بينما كانت تزيل الفتاتَ العالقَ بذلك الخاتمِ الأنيق، وأصدر قلبها خفقةً قويةً وهي تحدِّق في تصميمه الذي كان عبارة عن ثعبانٍ ملتفٍ؛ يزين عينه فصٌ لامعٌ.

أختلطت نظراتها بالشكٍ للحظاتٍ قبل أن ترفع عينيها المندهشتين إلى سيدها قائلةً بتردد:

- يشبه خاتم والدتك الذي أريتني إياه من قبل.. أليس كذلك؟!!!

ألقت سؤالها وهي ترفعُ الخاتمَ نحوه فاقترب منها ليتناوله من بين أناملها معلناً بإبتسامةٍ هادئةٍ:

- بل هو خاتمُ والدتي بالفعل.

- ماذا؟!!

تناول كفَّها ليهمَّ بوضعه حول بنصرها موضحاً:

- أرغب أن تمتلكيه من بعدها.

شعرت وكأنَّ قلبها توقف للحظةٍ عن النبض قبل أن يقرع بشدةٍ على نحوٍ جعلها تنتشل كفَّها من بين أنامله لتنهض محدِّقةً فيه بذهولٍ وهي تستنكر الأمر بشدةٍ. وعندما اعترض بررت بكلماتٍ متلعثمةٍ:

- لا يمكنني إمتلاك شيءٍ ثمينٍ كهذا. خاصةً أنَّ قيمته لا تتمثل في ثمنه المادي فقط... ماذا لو أضعته؟

- واثقٌ أنَّكِ ستحافظين عليه، ولن تخلعيه من إصبعك مهما حدث.

عقدت حاجبيها واعتراضها يتضاعف:

جلوسترشير..   مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن