قرَّر "هوارد" أخيراً الذهاب إلى "لندن"؛ و رغم أنَّه وعد بعودةٍ سريعةٍ إلا أنَّ مغادرته خلقت الأمل في نفس "دورندا" بقضاء وقتٍ خاصٍ برفقة حبيبها الذي كُتِب عليها الاستماع إلى اعترافاته من خلال الورق فقط، دون سماعها منه مباشرةً.
كان من الصعب أن يحظيا بوقت خاص بهما؛ خاصة بوجود "هوارد".
كان من المفترض أن ترافق "دورندا" "آن ماري" في زيارتها لتلبية دعوة شاي لإحدى الصديقات، إلا أنَّ "دورندا" تعلَّلت بشعورها بصداعٍ مؤلمٍ يمنعها عن الذهاب.
لم يمضِ وقتٌ طويلٌ على مغادرة "آن ماري" حتى حضر "جاري" في زيارته المعتادة.
طلبت "دورندا" من مربيتها إحضار كأسٍ من العصير ل"جاري" الذي احتلَّ أقرب مقعدٍ منه داخل حجرة المعيشة.
وبعد انصراف "مسالا" التفتت "دورندا" إليهِ بابتسامةٍ سعيدةٍ فتساءل عن "آن ماري" لتخبره بتلك الدعوة التي اضطرت لتلبيتها بمفردها.
- لماذا لم ترافقيها؟
- توقعت مجيئك، ورؤيتك أهم من الالتقاء بالأخريات.
رغم رضاه بذلك الشوق الواضح في عينيها إلا أنَّه لم يعلق على تجاهلها لتلك الزيارة من أجله، لكن ذلك لم يمنعها عن الإعلان بحماس:
- سأعود بعد لحظات.
ألقت "دورندا" بجملتها قبل أن تسرعَ بمغادرة الحجرة ليطلق تنهيدةً قصيرةً وهو يحاول التغلُّب على شعوره الغريب الذي كان يكتنفه الاستنكار وعدم الراحة.. مانعاً سعادته -بوجودها بقربه- من أن تكتمل.
لأول مرة يشعر بعدم أحقيته في التواجد هنا في غياب "هوارد"، وكم كان شعوراً كريهاً للغاية.
عادت حبيبته الجميلة تحمل في كفِّها اليمنى قطعةً من قماش المخمل الأزرق. وأحدثت سعادتها الغامرة وخزاً لذيذاً في قلبه طغى على مشاعره الأخرى.
احتلت الأريكة على يمينه، ثم تحدثت بنبرةٍ يخالطها التوبيخ:
- رغم أنني رحلتُ إلى "لندن" وقلبي مثقلٌ بالخيبة والألم من قسوتك، إلا أنَّك كنتَ معي طوال الوقت.. ولم أستطع مقاومة شرائها من أجلك.
قالت كلماتها الأخيرة وهي تمدُّ إليهِ تلك القطعة التي تلفُّ محتواها بعنايةٍ. عكست ملامح "جاري" أسفه على خيبة أملها السابقة، إلا أنَّه لم يحاول إخفاء الفضول الذي لمع في عينيه وهو يتناول هديتها، لكنه لم يفكِّر في فتحها بل تأملها للحظات قبل أن يرفع عينيه الخضراوين إلى وجهها ليمنحها نظرةً محبةً داعبت قلبها العاشق:
- كيف فكرتِ في منحي إياها رغم غضبكِ مني؟!
قالت بجديةٍ وهي تمنحه نظرةً عابسةً:
- لم أكن سأمنحك إياها إن استمريتَ بمعاملتي بتلك القسوة.
ارتسمت ابتسامةٌ مشرقةٌ على شفتيه أضاءت ملامحه العذبة:
أنت تقرأ
جلوسترشير.. مكتملة
Romanceدعوة لزيارة أحد أرياف انجلترا الخلابة.. حيث يحتضن السحر كل بقعة يحتويها، ويتجلى الجمال الذي يثير حواسك أينما توجهت. هناك ستلتقون بشخصيات نسجتها من خيالي المحب لتلك الحقبة الفيكتورية المتميزة. أشخاص عاشوا حياة طبيعية يتخللها المرح والترح.. الحب والكر...