تعمَّد "جايسون" الصعود إلى مرسمه مبكراً قبل أن تغادره "ساشا".
فوجئت بوجوده، وأول ما فعلته الالتفات بعيداً عن نظره لتتحرى مقدمة غطاء الشعر، وتتأكد من إخفاء الإصابة فوق جبينها. كانت نبضاتها ترتجف بتوترٍ شديدٍ، وكذلك أناملها التي أخذت ترتب أنابيب الألوان داخل علبتها الخشبية.
كانت تحدِّث نفسها بضيقٍ.. لماذا اليوم بالذات يصعد إلى الحجرة وهي لا تزال داخلها؟!!! لماذا القدر يعاكسها حتى في هذه المواقف.
توقعت أن يتجاهلها بكل بساطةٍ كعادته، وألا يطالبها بشيء. إلا أنَّ صوته وصلها ليرجف أوصالها:
- "ساشا".
ارتجف قلبها وقد هجرت هذه الحروف - بصوته الدافئ - سمعها منذ مدةٍ طويلةٍ جداً.
طمأنت نفسها أنَّ الغطاء يخفي إصابتها جيداً، فالتفتت إليهِ لتبقي عينيها على أرض الحجرة الصلبة قائلةً بثباتٍ:
- أمرك سيدي اللورد.
- اقتربي.
سرت رعشةٌ في عمودها الفقري وهي ترفع عينيها إليه متفاجئةً، لكن سرعان ما عادت لتخفضهما لتحدِّق في قدميه دون أن تتلفظ بكلمةٍ، أو تخطو خطوةً نحوه. لم يكن لديها أدنى فكرةٍ عمَّا يريده.. هل قامت بما يغضبه، أم أنَّه فقط سيقدم على طلبٍ ما؟!! أو قد يلقي عليها بسؤالٍ لا يستدعي هذا القلق والتوتر اللذين ينهشان قلبها. لكن أياً كان السبب فهي لا تشعر بالرغبة أو الاطمئنان نحو الاقتراب منه.
أعاد طلبه وقد تسلَّل الحزم إلى صوته، فدفعت بقدميها نحوه لتقف على بعدِ خطواتٍ بسيطة.
- ارفعي وجهك.
تجمَّدت ملامحها للحظةٍ قبل أن تتسلَّل تقطبيةٌ منزعجةٌ إلى حاجبيها بينما طلبه الغريب يُحدث قرعاً مدوياً في صدرها . قبضت أناملها على طرفي مريلتها البيضاء بارتباكٍ جلي، وحاولت التملص متعللة:
- لا يصحُّ النظر إلى السادة، سيدي.
مرَّت لحظة صمتٍ مشحونة بالعديد من المشاعر، ولم يكن "جايسون" ينوي التراجع، أو الاستجابة لمحاولتها اقصائه عن شؤونها هذه المرة، فوضح ببساطة:
- لا بأس، لقد فعلتِها مِراراً من قبل.
لو كانت تعي أنَّ الإبحار في عينيه سيغرقها لتبقى داخل ذلك العمق المميت حتى تلفظ أنفاسها الأخيرة لحرَّمت على عينيها النظر إليه... لكنها للأسف خاطرت وأبحرت..
جثم الضيق على صدرها وهي تفكر فيما ينبغي فعله، فطالبها بخلع غطاء الشعر. رفعت عينيها لتحدِّق في وجهه بدهشةٍ متسائلةً بحروفٍ مرتعشةٍ عن السبب، فأفصح بجدية:
- افعلي، وإلا سأفعلها بنفسي.
أخذ قلبها يطرق بعنفٍ موجعٍ، وظلَّل الاستياء المحرج ملامحها العذبة وهي تحدِّث نفسها بألمٍ عظيمٍ، وخجلٍ مهينٍ أنَّه بالتأكيد يعلم عن إصابتها. لقد أخبرته زوجته دون شك.
أنت تقرأ
جلوسترشير.. مكتملة
Lãng mạnدعوة لزيارة أحد أرياف انجلترا الخلابة.. حيث يحتضن السحر كل بقعة يحتويها، ويتجلى الجمال الذي يثير حواسك أينما توجهت. هناك ستلتقون بشخصيات نسجتها من خيالي المحب لتلك الحقبة الفيكتورية المتميزة. أشخاص عاشوا حياة طبيعية يتخللها المرح والترح.. الحب والكر...