الفصل الواحد والثلاثون

1.8K 251 182
                                    

أصرَّت "مسالا" على إسناد "دورندا" أثناء جلوسها على الأريكة داخل حجرةِ المعيشة، رغم اعتراض هذه الأخيرة وتأكيدها أنَّها بخير.

اعتدلت "مسالا" في وقفتها وهي تعترض باستياء:

- لماذا لم يبقَ السيد "جاري" قليلاً؟! خبزتُ كعك المادلين احتفالاً بعودتك وتوقعت أن تتشاركاه معه.

تمتمت "دورندا" بتحفظٍ دون أن تنظر إلى وجه مربيتها القريب:

- لحقت بهِ "آن"، وربما سترغمه على العودة.

لم تعلِّق "مسالا" إذ التفتت إلى "آن ماري" العائدة تجرُّ أذيالَ الخيبة الواضحة، فسألتها بنظرةٍ آسفةٍ:

- هل رحل؟

هزَّت "آن ماري" كتفيها باستسلامٍ وهي تتجه نحو شقيقتها مبرِّرةً لمربيتها:

- بدا متعباً حقاً، لذا لم أصر على بقائه.

احتلت تلك الأريكة على يمين "دورندا" لتوبِّخها بجدية:

- من الواضح أنَّ مكوثك لديه قد أرهقه... يكفي أنَّك أحتللتِ فراشه الوحيد لأيام.

ضحكت "مسالا" على امتعاض "آن ماري" الغيور.. على حين تجهَّم وجه "دورندا" وهي تمنح شقيقتها نظرةً رافضةً يخالطها التهكم:

- وكأنني سعيتُ لهذا الامتياز الرائع.

ثم أسرعت تردف بحزم؛ لتمنع شقيقتها الصغرى من إضافةِ المزيدِ من الاعتراضات:

- وأرجو بصدقٍ أن توقفي الحديث عن تلك الأيام، وتذكيري بما حدث؛ فأنا بحاجةٍ لنسيانها.

ارتجفت كلماتها الأخيرة دون إرادةٍ منها، وأربكها ذلك الانقباضِ المتسلِّل إلى قلبها. دعمتها "مسالا" زاجرةً "آن ماري":

- بالفعل يا "آن"، فلننسى تلك الأيام السيئة وكأنَّها لم تكن.

ثم أعلنت بحماسٍ أنَّ المادلين تم خبزه للتو ومن الأفضل الإسراع في تناوله، وغادرت الحجرة لإحضاره.

على حين فكرت "دورندا" باستنكار في انصراف "جاري" فهو يحب كعك المادلين، ولم يكن ليضرَّه البقاء لمشاركتهن الشاي.

استفزتها مغادرته بتلك السرعة؛ وكأنَّها حِملٌ رغب في التخلُّص منه والعودة سريعاً لحياة الوحدة التي يقدِّسها.

***************

حلًت ليلة جديدة من ليالي الشتاء..
سيطرت البرودةُ على الطرقاتِ المظلمةِ، والتي كانت تهدأ تماماً بشكلٍ موحشٍ ما إن تبدأ أولى الخيوط الدافئة بالرحيلِ مع غروبِ شمسِ الشتاءِ القارصِ.

الجميع يعتكفون في منازلهم أمام المدافيء التي لا تخمد.. فوق أريكةٍ وثيرةٍ برفقة كتابٍ، أو كوبٍ ساخنٍ يكمل الأحاديث التي لا تنتهي مع طول ساعات المساء الهادئ.. وما أجمل احتضان الأغطية السميكة وسط هذه الأجواء الباردة مع سكونٍ نادرٍ؛ في ليلةٍ عقدت هدنةً مع سمائها الصافية لتمنحها ساعاتٍ مُحصَّنة من أمطارِ الشتاءِ العنيفة.

جلوسترشير..   مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن