أتى اليوم التالي للحفل غائماً ينذر بعاصفةٍ في أي وقتٍ ممَّا أبقى معظم أهالي الريف في منازلهم، وقد كان مناسباً لهم الاسترخاء بعد يومٍ حافلٍ باللهو والرقص.
نهض "مارك" مبكراً لينضم إلى "ميليسا" المنشغلة بتنسيق بعض الأزهار داخل آنيةٍ من الرخام المزخرف.
راقبته و هي تردُّ على تحيته الهادئة. وما إن استقر فوق إحدى الأرائك الأرجوانية حتى أعلنت أن والديها غادرا إلى "ويلز".
- في هذا الطقس؟!! من الواضح أنها ستمطر بغزارة.
أبقت اهتمامها على الأزهار أمامها وهي تقول بإطمئنانٍ:
- لقد رحلا بعد الفجر مباشرةً وأعتقد أن الطريق آمنٌ الآن.
- ألم يقل إلى متى سيبقى هناك؟
أنهت تنسيق أزهارها، ثم قالت ببساطةٍ وهي تتأملها برضا:
- ربما لخمسة أيامٍ.
- حقاً؟!!
ارتسمت ابتسامةٌ جميلةٌ على شفتيها وهي تنظر إلى شقيقها قائلةً بتفهمٍ:
- كنتُ أتوقع ردة فعلك هذه.
أصدر "مارك" ضحكةً قصيرةً مرحةً قبل أن يؤكِّد:
- عليَّ استغلال هذه الأيام بكل طريقةٍ ممكنةٍ.
ابتعدت "ميليسا" عن الطاولة الجانبية التي ضمَّت آنية الأزهار لتقول بتهكمٍ:
- من يستمع إليك وأنت تتحدث هكذا يظن أنَّك لا تجرؤ على فعل شيءٍ في وجوده.
وشاركته الأريكة مؤكِّدةً بنبرةٍ رافضةٍ:
- أنت حتى لا تستمع إلى نصائحه.
- لأنَّني لستُ بحاجةٍ إليها.
ارتفع فجأةً صوت المطر الذي انهمر بقوةٍ يتخلَّله صوت الرعد الهادر.
بقيا جالسين في مكانهما يستمتعا بمراقبة تلك القطرات الشديدة في الخارج بصمتٍ تامٍ حتى تمتم "مارك" باسترخاءٍ:
- أعتقد أنها ستستمر حتى المساء.
وافقته "ميليسا" بهزةٍ من رأسها دون أن تزيح عينيها عن النافذة. على حين ألقى هو برأسه على ظهر الأريكة متمتماً باستياءٍ:
- ها هو أول نهارٍ من غياب "بولين بلير" يمضي دون أن يُستغل.
ضحكت "ميليسا" بشدَّةٍ و قد فاجأها استياء شقيقها الجاد, وحاولت القول من بين ضحكاتها العذبة:
- أنت بالفعل لا تمزح.
رفع حاجبيه قليلاً وهو يلقي عليها نظرةً قصيرةً دون أن يصلح من جلسته، ثم عاد لتأمُّل القطرات في الخارج بصمتٍ.
احتفظت "ميليسا" بابتسامتها الجميلة وهي تتعجب بالفعل من تأزُّم شقيقها من قيودٍ لا يلقي لها بالاً. ولم تمضِ سوى لحظاتٌ حتى قال بعزم:
أنت تقرأ
جلوسترشير.. مكتملة
Romanceدعوة لزيارة أحد أرياف انجلترا الخلابة.. حيث يحتضن السحر كل بقعة يحتويها، ويتجلى الجمال الذي يثير حواسك أينما توجهت. هناك ستلتقون بشخصيات نسجتها من خيالي المحب لتلك الحقبة الفيكتورية المتميزة. أشخاص عاشوا حياة طبيعية يتخللها المرح والترح.. الحب والكر...