الفصل الثالث والعشرون

1.7K 245 353
                                    

عادت "باتريشيا لاسيليز" إلى "جلوسترشير" بالفعل بسرعة، وعلى نحوٍ مفاجيء كما لمّحت لابن عمها تماماً، لكن الموعد تأخر ليومٍ كاملٍ عن تلك الليلة التي ظنها "جايسون" ليلة عودتها المنتظرة، ليفاجأ بأخرى لم تكن في الحسبان.

ما إن وصلت "باتريشيا" إلى القصر حتى أرسلت بخبر هذه العودة ل"مونيكا بارينغ" التي سعدت بها، وقررت القيام بزيارة القصر لقضاء بعض الوقت برفقة صديقتها قبل المغيب.

استقبلت الخادمة "مونيكا" التي سلَّمتها مظلَّتها بينما كانت تتساءل عن "باتريشيا"، فأخبرتها أنها في الأعلى وستعلمها بحضورها فوراً.

كانت السعادة الغامرة والحماسة تملأ قسمات "مونيكا" الناعمة؛ فعودة "باتريشيا" إلى "جلوسترشير" هذه الظهيرة أمرٌ لم تتوقعه أبداً.. خاصةً وأنها تنبأت بانشغالها بتجهيزات العيد؛ الذي أوشك على الحلول.

ابتعدت "مونيكا" نحو مرآة أنيقة على جانبِ المدخل الواسع، تعلو طاولةً بسطحٍ من الرخام المصقول، وأرجلٍ خشبية نحتت باحترافيةٍ وأناقةٍ عاليتين.

تناهى إلى مسامعها أصواتُ ضحكاتٍ أثارت تساؤلاتها، وأشعلت فضولها، فابتعدت عن تلك المرآة لتنظر إلى الممرِ الواسعِ الذي احتوى على أبوابٍ متعددةٍ حُفرت بنقوشٍ فاخرةٍ. كانت الأصواتُ تصدرُ من أولى تلك الحجراتِ على طولِ الممرِ مما شجع "مونيكا" على التقدم نحوها.. ازدادت الأصواتُ وضوحاً حيث لم يكن الباب مغلقاً، وبالتالي لم يبدُ اجتماعاً خاصاً.

اقتصر الأشخاص الموجودون في الداخل على الشباب.. ولفت انتباه "مونيكا" وقوف اثنين منهما في وضع يوحي أنهما يرقصان، لكن على نحوٍ غير جاد؛ إذ بدا أن أحدهما يقصُّ على الآخرين حادثةً معينةً.. من خلال تحركاته وإشارات كفَّيه نحو رفيقه لتعود الضحكات المرحة للارتفاع. تراجعت "مونيكا" عن الباب بحذرٍ؛ مفضِّلة الانسحاب قبل أن يتنبه أحدهم إليها.

ما إن استدارت نحو الممرِ حتى فلتت شهقةٌ فزعةٌ من بين شفتيها وعيناها تقعان على "مارك" الواقف على بعدِ خطوتين. بدا واضحاً من وقفته الهادئة، وذراعيه المعقودتين فوق صدره أنه انضم إليها منذ وقتٍ كافٍ ليعي تطفُّلها غير اللائق.

- هل استمتعتِ بما كنتِ غارقةً في مراقبته؟!

أخفضت عينيها بإحراجٍ عظيمٍ وقد أزعجها التهكُّم الذي غلَّف نبرته الرافضة. تعلَّمت جيداً من خبرتها الكافية مع "مارك بلير" أنَّ تجنبه هو الحل الأكثر حكمةً؛ خاصةً أنها تعي أنها مخطئة.. لكن كف "مارك" التي دفعت بالباب ليتم فتحه بالكامل لفتت الانتباه لوجودهما.

نظرت خلفها بفزعٍ حيث ارتفعت بعض الأصوات من الداخل لتعلم ألا مجال للهرب؛ خاصة بعد أن اعلن "مارك" بوضوح:

- هناك من يرغب في مشاركتنا هذا الاجتماع يا رفاق.

اضطربت "مونيكا" بشدةٍ وهي لا تعلم ما يجب فعله في موقفٍ كهذا، على حين حدثها "مارك" بصوتٍ خافتٍ:

جلوسترشير..   مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن