الثاني والثمانون

1.7K 227 245
                                    

أنهى "جاري" قراءة الرسالة التي وصلته من "دورندا" عن طريق "باتريشيا"، وكم دُهش بها..
كانت تلك الأسطر ما يحتاجه بالفعل وسط كل هذا الجنون الزاخر بالهلع، والترقب، وشبح الموت قد استوطن الريف؛ متربصاً بالعديد.
وأكثر ما أسعده إخبار "دورندا" له أن "هوارد" من اقترح عليها إرسال هذه الرسالة إليه، فحتى وإن لم يقم "هوارد" بكتابة رسالة إليه فهو لن يطالب بالكثير، وسيعتبر هذه البادرة بدايةً لتقبل صديقه لمشاعره نحو شقيقته، وقبولاً لعلاقتهما.. وهذا -في حد ذاته- باعثاً للبهجة، ومعيناً على مواجهة هذه الأيام الصعبة بكل ما تحمله من ألم وخيبة وأحزان.

تمدد فوق سريره وهو يعقد ذراعيه خلف رأسه بينما عيناه الخضراوان تتأملان الثوب الأنيق المعلَّق على الباب الأوسط لخزانة ملابسه؛ المستقرة عند الجدار المواجه لفراشه.

كان من المفترض أن يكون هذا الثوب داخل علبته الورقية في انتظار تقديمه لصاحبته، لكن "جاري" لم يتصور للحظةٍ أنَّ العيد سيحلّ وهو بعيدٌ عن "دورندا" وعن أسرتها بالكامل.

رحل بذاكرته نحو تلك الظهيرة التي استقبلت بها فتيات آل"ديكنز" الخياطة "سكارليت".

وضع الخادم -المرافق للخياطة- الحقيبة الكبيرة فوق الطاولة الضخمة التي تتوسط صالون منزل آل"ديكنز"، ثم ابتعد لتفتحها سيدته وهي تحدِّث الفتاتين بابتسامةٍ واسعةٍ:

- أنتما أول من يطَّلع على هذه الثياب كما وعدتكما. لقد وصلت هذا الصباح من لندن؛ وهي تضمُّ آخر التصاميم الباريسية الرائعة.

ثم ألقت نظرةً سريعةً نحو "هوارد" الذي استقر داخل الأريكة القريبة منها لتردف بنظرةٍ لطيفةٍ:

- من الجيد أنَّكَ هنا لتساعدهما على الاختيار.

أعادت اهتمامها إلى حقيبتها موضِّحةً:

- فشقيقتاك تترددان كثيراً بشأن الأسعار.

وضع الخادم مقعداً خشبياً ل"سكارليت" قرب الطاولة. على حين فضَّلت "آن ماري" مشاركة "هوارد" أريكته بينما بقيت "دورندا" على الجانب المقابل من الحقيبة المفتوحة، ثم التفتت خلفها لتجد أنَّ "جاري" قرر البقاء بعيداً قرب النافذة.

انشغلت الفتيات بالبحث بين تلك المجموعة الكبيرة من الثياب الجميلة وكانت "سكارليت" تبدي رأيها بما يناسبهما تارةً، وتتشارك مع "هوارد" في تبادل بعض المعلومات فيما يتعلق بهذه التجارة تارةً أخرى بينما هي تستمتع بكوب الشاي الذي حضَّرته "مسالا" بمزيجٍ من المنكهات الخاصة.

انتقت "آن ماري" فستاناً أنيقاً من الحرير الفاخر، يغطي الصدر دانتيل أبيض بياقةٍ مرتفعةٍ قليلاً، بالاضافة إلى أطراف الأكمام التي تصل إلى المرفقين.

كان مميزاً خاصةً بتلك القبعة التي غصَّت بالأزهار الملونة المصنوعة من نوعي القماش الموظَّف في صناعة الثوب.

جلوسترشير..   مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن