السادس والستون

1.7K 234 311
                                    

لم يكن ممكناً أن تنتهي فترة الحصاد قبل أن يقيم السيد "مايك كونيليوس" حفلته المميزة احتفاءً بإنتاجه الوفير من المحصول.

كان الجميع؛ خاصةً الشباب ينتظرون حضور الحفل بكلِّ ما فيه من مباهج..على الأخص الاستمتاع بجوٍ موسيقي راقصٍ وسط حديقته الغنَّاء الواسعة. وقد صمم جزئيةً خاصةً في إحدى زواياها لاحتواء الفرقة الموسيقية التي يحرص على تواجدها في الحفل.

كالعادة، لم تكن دعواته تقتصر على أهالي الريف، بل تتعداها لكلِّ من يرغب في الحضور من لندن، فانتهز "هوارد" الفرصة ليحقق ل"سامانثا" رغبتها في إعادة زيارتها ل"جلوسترشير"، فقد تجاهل طلبها لأكثر من مرة، وكان وقحاً بلا مبالاته بلا طائل؛ ففتاته التي تجنَّب غضبها واستياءها تحضر الحفل برفقة رجلٍ اختارته شريكاً في كل مناسباتها.

بدا "هوارد" أنيقاً، ملفتاً كعادته بقامته الرياضية وخصلاته التي تغطي مؤخرة ياقته المرتفعة. وقد انسجم ما انسدل منها -خلف أذنيه- مع جمال سالفيه، مؤكدةً جاذبيته الخاصة.

لم يهتم بتحري مكان "ميليسا" فهو يدرك أنَّه سيعرفه ما إن تستأذن "دورندا" عن مجلسهم للانضمام إلى صديقتها؛ حينها سيجدها دون البحث عنها.

لم يحالف الحظ "دورندا" إذ لم يحضر "ريتشارد" شقيق "سامانثا" الحفل. ولو فعل لمنح "دورندا" الاهتمام الذي كان سيغيظ "جاري" بكل تأكيد، ولاستغلت هي وجوده جيداً.. لكن فرصتها بإغاظة "جاري" ضاعت.

اشتركت في أكثر من رقصة جماعية ولم تستطع مرافقة "ميليسا" إذ كان "رونان" بصحبتها طوال الوقت.

لم يكن أمامها سوى البقاء في مكانها والاكتفاء بمراقبة الأجواء بملامحٍ باردةٍ.

أصدر قلبها خفقةً مزعجةً عندما احتل "جاري" مقعداً حول طاولتها؛ التي لم تضم سواها. لم تبقِ عينيها عليه وهي تركِّز نظراتها على الراقصين، وعلى الأخص شقيقها ومرافقته "سامانثا".

- هذا الهدوء والعبوس لا يليقان بكِ.

شعرت بالرضا رغم غضبها منه، لكنَّها تماسكت عن النظر إليه وبقيت متسلحةً بصمتها حتى لا تمنحه الفرصة لخوض حديثٍ لن تستطيعَ الرد عليه كما ينبغي؛ إذ أنَّ المكان ليس مناسباً أبداً للتنفيث عن حنقها واستيائها.

- توقعتُ رؤيتك برفقة "تشارلز"..

استطاع "جاري" استفزاز تحفُّظها والتراجع عن قرار الصمت، لكنها تحدثت وهي راضيةٌ تماماً عن كلماتها:

- لماذا؟!! لأنك ظننت أنني سأرد على خيانتك بمثلها.

- هل لا زلتِ تعتقدين أنني قمتُ بخيانتكِ؟!! كيف سأجعلك تصدقين بأنَّه لم يحدث شيءٌ بيننا، ولم يعد يوجد في الأساس ما يربطني بها.

سمحت لعينيها بالنظر إلى وجهه لتؤكِّد:

- ذلك القدر الذي أقدمتَ عليه، وشهدتُ عليه بنفسي يُدعى خيانة. الانعزال بها، والسماح لها بالاقتراب منك إلى ذلك الحد يسيئان إلى التزامك نحوي. وإن لم يحدث أكثر مما رأيت فربما لأنَّها لم تحاول، وأنا لستُ واثقةً من أنَّك كنتَ لتوقفها.. فإيقاف النساء عند حدِّهن أمرٌ غير لائقٍ ضمن أخلاقياتك سيد "باركر"؛ رغم أنه لا يتفق إطلاقاً مع تحفظاتك المعتادة.

جلوسترشير..   مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن