أخذت "آن ماري" تتأمل لوحة ـ لأحد حقول "جلوستر شير" ـ في موضعها الجديد وهي تحرص ألا تسقط من فوق الكرسي الخشبي تحت قدميها. استدارت بحذر لتنزل عنه ، فارتسمت ابتسامة واسعة على شفتيها وعيناها تقعان على "جاري" قائلة بسعادة ممزوجة بالدهشة:
ـ خلتك لن تأتي!!
اقترب منها متسائلاً:
ـ وهل أستطيع؟!
ـ لقد حلَّ المساء، ولم نرك طوال اليوم.
ـ لهذا أتيت.
لم تشأ قول المزيد؛ فالمهم أنه هنا. رفع كفه إليها ليساعدها على النزول بأمان. وما إن استقرت قدماها على سجاد الحجرة حتى قال وهو يترك كفها:
- بالتأكيد أنك لم تقومي أنتِ بوضع هذه اللوحة الضخمة في مكانها.
أجابته بابتسامة عذبة:
-بالطبع لا، كنتُ أصلح من وضعها فقط.
وأعادت نظراتها الى اللوحة قائلة:
- هذا الرسم يذكرني بتلك الهضبة المميزة التي كنا نخرج اليها بعد هطول المطر لمشاهدة البرك المتكونة حولها.
اتسعت ابتسامته العذبة وهو يتأمل اللوحة بصمت، ثم نظر اليها ليقول:
- وكان لا بد من نشوب معركة صغيرة بينك وبين "هوارد" قبل الخروج الى هناك.
انطلقت ضحكة خفيفة من بين شفتيها لتقول باعتراضٍ مرحٍ:
- هو من كان يبدؤوها.
واجه نظراتها ليذكرها بنبرة ذات مغزى:
- لأنكِ تتذمرين طوال الطريق الى هناك. أتذكرين؟
اكتفت بتلك الابتسامةٍ الخجلةٍ. على حين أردف هو بابتسامةٍ ضاحكةٍ:
ـ كنتِ تخشين على طرفِ فستانك أن يتسخَ بترابِ الحقولِ المبللة، وتغضبين من لامبالاة "هوارد" فأحملك أنا بين ذراعي لأعبر بك تلك الطرقات الغارقة بالمياه.
عكست ابتسامتها المشرقة سعادتها بتلك الذكريات، ونظرت الى وجهه قائلة:
- تصرفُّك ذاك كان يغضبُ "شارلوت" كثيراً.
قال ضاحكاً:
- كنتِ تثيرين غيرة شقيقتي بجنون، فهي لم تكن تقبل أنك الأصغر سناً بينها هي و"دورندا"؛ وبالتالي تحتاجين لرعايةٍ خاصةٍ.
أطبقت على شفتيها بخفة، ثم رفعت كتفيها قليلاً مؤكدةً:
ـ كان هذا منذ عشر سنوات.
وواجهت نظراته مردفة:
- نستطيع تدبر أمورنا في حال تقاعس "هوارد" عن إتمام مهامه.
منحها ابتسامةً عذبةً وهو يصرِّح برضا:
ـ نعم، لكنني ما زلت مستعداً لأن أحل محله إن وجب الأمر.
أنت تقرأ
جلوسترشير.. مكتملة
Romanceدعوة لزيارة أحد أرياف انجلترا الخلابة.. حيث يحتضن السحر كل بقعة يحتويها، ويتجلى الجمال الذي يثير حواسك أينما توجهت. هناك ستلتقون بشخصيات نسجتها من خيالي المحب لتلك الحقبة الفيكتورية المتميزة. أشخاص عاشوا حياة طبيعية يتخللها المرح والترح.. الحب والكر...