كانت "ميليسا" تكملُ تطريزَ القطعةِ التي بدأتها والدتها قبل أن تذهب إلى المطبخ للإشراف على خبز الكعك الذي طالب به "بولين".
ما إن عادت "جرايس" للانضمام إلى ابنتها في حجرة المعيشة وبدأت في التطريز حتى دلف إليهما رجل في أواخر العقد الثالث، بدا على وجهه امارات الفزع وهو يخبرهما بصوتٍ مضطرب قلق:
- سيِّدتي.. زوجك السيد "بولين" ..
ألقت "جرايس" ما بكفها لتتساءل بجزعٍ:
- ما بهِ زوجي؟
على حين أصدر قلب "ميليسا" خفقة قلقة وهي تستمع إليه قائلاً:
- لا أعلم سيدتي، لكنَّه ليس بخير. أين السيد "مارك"؟
أعلنت "ميليسا" وهي تسرع بالمغادرة:
- سٍأصعد لمناداته.
على حين اتجهت "جرايس" نحو حجرة مكتب زوجها بخطى متعثِّرة وقلبٍ فزعٍ، يتبعها السيد "ستيورات".
انفرد "مارك" بوالده في حجرةِ هذا الأخير، على حين بقي "ستيورات" برفقة "جرايس" وابنتها في الخارج.
نظر "ستيورات" إلى وجه "جرايس" الشاحب ليقول بأسفٍ شديدٍ:
- أعتذر سيدتي حقاً لما حدث.
وألقى نظرةً سريعةً نحو "ميليسا" الواقفة قربَ والدتها بصمتٍ قبل أن يردف بملامحٍ متوترةٍ:
- كنتُ مضطراً لإخباره.
- إخباره بماذا؟!!
ازدرد "ستيورات" ريقه ليقول بنبرة حزينة دون أن ينظر إلى ملامحهما القلقة:
- الأرضُ التي باعها بثمنٍ زهيدٍ بسبب إصابتها بالحشرات الضارة.. لم تكن سوى حيلةً من "هوارد ديكنز" ليجرِّده من أفضل أراضيه.
شعرت "ميليسا" وكأنَّ سكيناً حاداً يخترق صدرها بقسوةٍ ليمنح قلبها طعنةً أثقلت أنفاسها، فلم تتفوه بكلمةٍ وهي تنظر إلى والدتها التي سارعت بالالتفات إليها لتمنحها نظرةً دفعت بتلك السكين لتكمل تمزيق قلبها النازف.
- كيف؟!! كيف خُدع "بولين" بهذا.. ألم يقم السيد "بيتر" بالكشفِ على الأرضِ بنفسه؟!!
كانت كلمات "جرايس" تخرجُ مرتعشةً حانقةً مما صعَّب الأمر على "ستيورات" الذي أجاب بينما عيناه تهربان من عيني "جرايس" الدامعتين:
- لقد أغراه السيد "هوارد" بالمال، ليقنع زوجك بتلك الكذبة.
- لا تقول عنه سيد.. "هوارد ديكنز" مجرد حثالة، لم يلحق بنا سوى المشاكل والويلات.
تماسكت عن الالتفات إلى ابنتها المتجمِّدة بجوارها دون أن تنطق بكلمة، وأبقت عينيها الحانقتين على "ستيورات" وهي ترغمُ كلماتها على الخروجِ بثباتٍ:
- نشكر لك إخبارنا بالحقيقة سيد "ستيورات". كان لا بد أن يعلم "بولين" بالأمر عاجلاً أم آجلاً.
أنت تقرأ
جلوسترشير.. مكتملة
Romanceدعوة لزيارة أحد أرياف انجلترا الخلابة.. حيث يحتضن السحر كل بقعة يحتويها، ويتجلى الجمال الذي يثير حواسك أينما توجهت. هناك ستلتقون بشخصيات نسجتها من خيالي المحب لتلك الحقبة الفيكتورية المتميزة. أشخاص عاشوا حياة طبيعية يتخللها المرح والترح.. الحب والكر...