خرج نساء آل "لاسيليز" في دعوةٍ خاصَّةٍ بالسيدات، فاقترح "جايسون" على "استيفن" نزهةً على ظهرِ الخيل، إلا أنَّ هذا الأخير فضَّل البقاء في الحديقة الأمامية للقصر، تحت إحدى المظلات المزهرة -مكانه المفضل- حيث يفضِّلُ تدخين سيجار مع كوبٍ من القهوة.
أشعل "استيفن" سيجاره بينما كانت "إميلي" تضع كوب القهوة أمام سيد القصر، وما إن انصرفت حتى أبقى "جايسون" نظراته على "استيفن" المسترخي في مقعده وهو ينفث دخان سيجاره ببطءٍ ليراقبه بانغماسٍ غريبٍ يعكس راحةً وهدوءاً يثيرا الغبطة. مع تلاشي آخر الخيوط الضبابية، أعاد "استيفن" عينيه إلى "جايسون" الذي مدَّ كفَّه إليه مطالباً بسيجاره.
لم يعِ "استيفن" رغبة "جايسون" من أول وهلة، لكن ذراع هذا الأخير التي بقيت ممتدةً نحوه بينما أنامله تأمره بالتخلِّي عمَّا لديه له، دفع "استيفن" للسؤال بابتسامةٍ متعجبةٍ:
- ماذا؟!! هل ترغب حقاً في تجربتها؟!!
أكَّد "جايسون" بهزةٍ بسيطةٍ من رأسه فاتسعت ابتسامة "استيفن" المندهشة وهو يذكِّره بكلماته التي طالما أسمعه إياها:
- هذه سموم من المفترض ألا تملأ رئتيك بها. أليس كذلك أيها الفيلسوف الواعظ؟!!
- لا تقلق، لن أدمنها.
بدا مصرّاً دون أن يبالي بإضافة المزيد، فناوله إياها "استيفن" دون اعتراض.
سحب "جايسون" نفساً متواضعاً من ذلك التبغ الفاخر ثم نفثه بهدوءٍ بينما عينا "استيفن" تراقبانه بفضولٍ. عندما أعاد زوج شقيقته السيجار إلى شفتيه أطلق "استيفن" ضحكةً قصيرةً قبل أن يقول:
- يبدو أنَّكَ بحاجةٍ للتنفيث عن سمومٍ تثقلُ صدركَ وفكركَ يا صهري العزيز.
ارتسمت ابتسامةً باهتةً على شفتي "جايسون" وهو يحتفظ بالسيجار بين أنامله مؤكداً بتهكُّم:
- ومن الحُمق أن تزيلها بسمومٍ من نوعٍ آخر.
تنبَّه "جايسون" لذلك الشاب الذي وقف على بعدِ خطواتٍ عديدةٍ من القنطرة بينما عيناه تنحصران به، وقد بدا أنَّه ينتظر منه إذناً للاقتراب، فأعاد السيجار ل"استيفن"، ثم أشار للشاب للانضمام إليهما.
كان شاب عريض البنية، طويل القامة، بشعرٍ بني، وبشرةٍ بيضاء. ما إن وقف قريباً من مقعد "جايسون" حتى التقت عيناه بعيني سيد القصر فأسرع باخفاضهما باحترامٍ ليلقي بالتحية قبل أن يتبعها بهدوء:
- الليدي "جيسيكا" خارج القصر، وأخبرتني "جوزيت" أن بإمكاني التحدُّث إليكَ سيدي اللورد.
- من أنت، وما الذي تريده؟
- أنا "مارتن" سيدي. الشاب الذي قدم قبل أيامٍ من "ايرلندا".
كسا الجمود ملامح "جايسون"، ولم تصدر منه كلمةٌ، فرفع "مارتن" عينيه ليلقي نحوه نظرةً خاطفةً، إلا أن النظرة القاتمة المتفحصة في عيني "جايسون" ألحقت التوتر ب"مارتن"؛ الذي سارع بقول ما لديه:
أنت تقرأ
جلوسترشير.. مكتملة
Romanceدعوة لزيارة أحد أرياف انجلترا الخلابة.. حيث يحتضن السحر كل بقعة يحتويها، ويتجلى الجمال الذي يثير حواسك أينما توجهت. هناك ستلتقون بشخصيات نسجتها من خيالي المحب لتلك الحقبة الفيكتورية المتميزة. أشخاص عاشوا حياة طبيعية يتخللها المرح والترح.. الحب والكر...