الثاني والخمسون

1.7K 241 444
                                    

توسطت الشمسُ الدافئة كبدَ السماء دون ان يقم "جاري باركر" بزيارته المعتادة لمنزل آل"ديكنز". خالج "دورندا" شعورٌ عظيمٌ أنه لن يأتي طوال اليوم.. وقد صدق حدسها.

زاد قلقها، ورافق التوتُّر بقية يومها.. لو بإمكانها –على الأقل- معرفة ما حدث لتلك الصفحة التي ضمَّت اعترافها المبطن. هل فُتحت تلك الصفحة ليلة الأمس، أم أنَّه نسي أمرها، أو انشغل عنها؟

أو الأسوأ.. أن يكون غاضباً منها، لأنه فهم كل كلمة، وأدرك أنها تعنيه بها.

لم يكن من السهل حتى توقع إجاباتٍ شافيةٍ. قضت "دورندا" ليلة سهادٍ أخرى بقلبٍ مكروبٍ، ونفسٍ موحشةٍ.. تحدِّق في النجوم وهي تنتظر أن تنجلي مع أولى خيوط الفجرِ؛ لعلَّ الغد يأتي ب"جاري" ليريحها من قضاء المزيد من هذه الليالي المؤرقة.. ليظهر مهما كان ما سيحمله معه من رد.

لكن ظهيرة اليوم التالي انقضت دون أن يأتي لتخبر "دورندا" قلبها أن لديهما موعداً جديداً مع ليلةٍ أخرى من السهاد المثقل بالهمِّ والحيرة.

- السيد "جاري" في الأسفل.

انتفض قلب "دورندا" بلهفةٍ غلَّفها الانقباض عندما أعلنت "مسالا" هذا الخبر وهي تقف عند باب حجرة نومها هي و"آن ماري" التي تمتمت بامتعاضٍ:

- أصبح حضوره وغيابه غير متوقعين.

رفعت "مسالا" حاجبيها دون تعليقٍ، على حين أعادت "دورندا" الثوب الذي بين يديها إلى الخزانة موضِّحةً:

- بالتأكيد لديه أسبابه.

أخذ قلبها يخفق بجنونٍ.. حاولت كبح جماح لهفتها وهي تلتفت إلى "آن ماري" التي بقيت جالسةً أمام طاولة الزينة لتوضِّح بقلة اكتراث:

- سأنهي ترتيب أغراضي قبل النزول إليه.

عندما نظرت "مسالا" إلى "دورندا" صبغت هذه الأخيرة لهجتها باستسلامٍ مُصطَنع قائلةً:

- لا بأس، سأنضمُّ أنا إليهِ حالاً.

غادرت "مسالا" بهدوءٍ على حين نظرت "دورندا" إلى شقيقتها الصغرى التي قالت بجمود:

- لو سيبقى لمشاركتنا الشاي حينها فقط سأضطر للنزول. أمَّا إن كان سيرحل بسرعةٍ, فلا داعٍ لترك ما لدي.

أبدت "دورندا" تفهمها، وقد أراحها موقف "آن ماري"؛ إذ سيكون من السهل سؤاله عن كتاب القصائد، وعلى الأخص قصيدة "أفكر فيك".

رغم أن القلقُ والخوفُ خالطا مشاعرَ "دورندا" نحو النزول إليه ومواجهته، لكنها لم تستسلم لهواجسها المحبطة.

وما إن أغلقت باب الحجرة حتى تسارعت خطواتها نحو السلالم وشوقها يسبقها. حدَّثت نفسها... يا لحالك الذي يرثى له يا "دورندا ديكنز". نبضاتك تقفز مع خطواتك مسرعةً للقاء "جاري باركر"!! كيف تتركين مشاعرك تبلغ ذروتها دون أن يمنحك حتى مجرد أملاً في قبول هذه العاطفة المثيرة للشفقة.

جلوسترشير..   مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن