الفصل الثاني والثلاثون

1.6K 240 199
                                    

لم يكن من الصعبِ على "ميليسا" التطرقَ إلى أحاديثٍ مسليةٍ ل"مونيكا"؛ خاصةً فيما يتعلق بأهم عادات أهل "جلوسترشير" التي تجهل "مونيكا" معظمها، والتعرف على أعرق عائلاتها.. وقضيتا وقتاً مبهجاً دون أن يفارق "مارك بلير" مخيِّلة "مونيكا" وهي تشعر بغرابة أن تجمعه علاقة دم ب"ميليسا" التي تتمتع بلطفٍ لا متناهي لا يملك شقيقها شيئاً منه.

انضمَّت "مارغريت" إلى سيدتها وضيفتها لتعلن عن حضورِ ضيفٍ جديدٍ.

لم تستطع "مونيكا" إخفاء امتعاضها. على حين رددت "ميليسا" متفاجأةً:

- "مارك".

ثم نهضت عن مقعدها لاستقبال شقيقها الذي طبع قبلةً محبةً على وجنة شقيقته؛ المتسائلة برضا:

- متى عدت من "لندن"؟

- بعد خروجكِ بقليلٍ.

التفتا إلى "مونيكا" التي لم تستطع إرغام كلمات الترحيب لتزيِّف موقفها من هذه الزيارة غير المرحب بها. تفهَّم "مارك" ردة فعلها فلم يحاول فرض نفسه بمد كفه إليها، مكتفياً بإيماءةٍ خفيفةٍ من رأسه الخالي من قبعته لتفرض خصلاته الكثيفة الناعمة تأثيرها الجذَّاب على ملامحه الباسمة.

لم تدعُه "مونيكا" للانضمام إليهما، وبدا موقفها محرِجاً بالنسبة ل"ميليسا" التي اضطرت لسؤال شقيقها بابتسامةٍ متوترةٍ:

- هل أتيت لاصطحابي؟

- ليس هذا فقط.

أعاد نظراته إلى "مونيكا" مردفاً بتلك الابتسامةِ المستفزَّةِ:

- أردتُ الاطمئنانَ على مريضتي.

رفعت "مونيكا" حاجبيها بخفةٍ بينما عيناها تعكسان رفضها الهادئ إلا أنَّه قال مواجهاً نظراتها بثقة:

- تبدين بحالٍ جيدة.

- وسأبقى كذلك طالما أنني بعيدةٌ عمَّا يثير غضبي وانفعالي.

اتسعت ابتسامته برغبةٍ حقيقيةٍ للضحك، ليس لغرض إزعاجها، إلا أنَّه منع نفسه متمتماً بابتسامةٍ جذَّابةٍ:

- هذا جيِّد.

وجه اهتمامه إلى شقيقته التي بقيت تراقبُ الموقفَ بقلقٍ:

- هل تودين الانصراف؟

أكدت ذلك قبل أن تسرع لالتقاط حقيبتها القماشية الصغيرة، ثم نظرت إلى "مونيكا" شاكرةً لها ضيافتها الممتعة، فمنحتها "مونيكا" ابتسامةً بسيطةً وتعمَّدت عدمَ النظرِ إلى وجه "مارك" حتى لا يشتعل غيظها برؤيةِ تلك الابتسامة الباقيةِ على شفتيه.

ما إن تحرَّكت عربة آل "بلير" نحو المنزل حتى نظرت "ميليسا" إلى وجهِ شقيقها الباسم لتقول بنظرةٍ موبِّخةٍ:

- لم تكن مضطراً للحضورِ بنفسك لمرافقتي.

لم يعلِّق, فتجرَّأت على القول:

جلوسترشير..   مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن