التاسع والستون

1.6K 236 320
                                    

رافق شعاع القمر المهيب –الذي غمر السماء الصافية- خطوات "رونان" و"ميليسا"، ولم تستطع صحبته المضيئة منح "ميليسا" السكينة و الاسترخاء إذ بقيت خفقاتها تتسارع بجنونٍ بينما التوتر يشلُّ تفكيرها؛ مكتفيةً بالتجاوب مع رفيقها بكلماتٍ مقتضبةٍ.

كانت واثقةً أنَّ حديث "رونان" الهادئ وأسئلته التقليدية تمهيداً لإثارة الموضوع الذي تخشى خوضه.

- فكَّرتُ كثيراً فيما حدث، واحترمتُ رغبتكِ في الابتعاد.

لم تملك الجرأة على النظر إليه أو التلفُّظ بكلمةٍ ولم يبدُ متفاجئاً لصمتها التام، ولم ينتظر ردَّها إذ استمر في سيره بينما كان يضيف:

- لكن لا يمكننا إنهاء الأمر على هذا النحو الذي اخترته.

ثم توقف ليلتفت إليها مما أرغمها على مواجهته:

- ما السبب الذي دفعك لاتخاذ هذا القرار دون أن تستمعي إلى رأيي بشأنه؟

أخفضت وجهها وهي تجيب بصوتٍ يقطر إحراجاً:

- أعلمُ رأيك مسبقاً.

- ألهذا الحد رغبتِ في التخلُّص منِّي، بحيث لا يكون هناك طريقاً للعدول عن قرارك؟!! ألهذا الحد لم أكن جديراً بمنحي الفرصة؟!!!

- "رونان"... رجاءً. لا تسيء فهم دوافعي.

ازدردت غصَّتها لتجبر نفسها على القول بينما عيناها تراقبان تشابك أناملها المضطربة.

- أنت شابٌ رائعٌ، وليس من العدل أن أستغل عطاءك وعاطفتك.. أنا لا أستحقك.

- أنا من يقررُ هذا.

ارتجف صوتها لتعكس نبرتها الحزينة استياءها الشديد:

- لا، لا يمكن استمرار علاقتنا على هذا النحو، سيأتي اليوم الذي سيشعرك بالندم، ولن ألومك إن حملتني مسؤولية فشلنا.

- يا إلهي، هل أنتِ واثقةٌ تماماً أنكِ لن تقعي في غرامي؟!!

أصدر قلبها خفقةً متألمةً، ورفعت عينيها الدامعتين إلى وجهه لتتمتم بصوتٍ متهدجٍ:

- أنا أحبك حقاً، وأقدِّرك كثيراً، لكنَّك تستحق حباً مخلصاً. لا يليق بك سوى قلب امرأةٍ يكون لك بالكامل.

- أما قلبك أنتِ فلا يزال ملكاً ل"هوارد ديكنز".. أليس كذلك؟

سرت رعدةٌ قويةٌ في أطرافها وقد فاجأها حديثه الصريح الحانق.. أحدثت نظرة القهر في عينيه وخزاً قاتلاً في قلبها دفعها للإشاحة بنظرها وهي تضغط على شفتيها في محاولةً بائسةً لمنع الدموع من التسلُّل إلى عينيها.

- أخبرتكِ أنَّني على استعداد لانتظاركِ بقدر ما تحتاجين، لذا لا أقبلُ بأعذارك سبباً لحرماني منك.

عضَّت على شفتها السفلى دون أن تكون لديها أي نية في الاستمرار في هذا الحديث، وتضاعفت الغصة المؤلمة في حلقها.

جلوسترشير..   مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن