بعد أن حاولت الغريبة تهدئتي تضاعف ألمي، نعم شعور الآخرين بالشفقة تجاهك يجعلك تتألم بشكل مضاعف، وجهت نظري للشاطئ و عيناي امتلأتا بالدموع، لتوجه الغريبة بصرها إلي قائلة " سأحكي لك قصة و حاولي الإصغاء إلي جيدا، لكن لا داعي ليعرف أحد بهذا "، لم أعرف هذه الغريبة و لا فهمت لما تحاول مساعدتي، لكنني وددت سماع ما ستقوله، فصوتها الخافت يجعل كل آلامك تخف، و كل خوفك يختفي، فهو كقصة ما قبل النوم، وجهت بصري إلى ملامحها الملائكية لتبدأ الحديث :" كانت حينها في العاشرة من عمرها، حين تعرضت والدتها للاغتصاب من طرف جارهم السكير، لتنتحر فيقتل والدها ذاك الوحش الذي جعل زوجته تنهي حياتها، والد في السجن لمدى الحياة و والدة أنهت حياتها، رحل كلاهما تاركا الطفلة الصغيرة لتبحر بين أمواج الحياة وحيدة، في مجتمع تنعدم فيه قيم الإنسانية، " نور " التي لم تفارقها الابتسامة إلى أن أدركت أن الحياة عبست في وجهها، تم طردها من تلك الشقة المتواضعة التي عاشت فيها أجمل اللحظات قبل أن يوجه القدر سيفه نحوها، جلست على رصيف الشارع تحتضن جسدها الهزيل، هي لم تبكي، حتى دموعها تخلت عنها و خانت مشاعرها، هي شعرت بأن الحياة صفعتها بقوة، لكنها فقدت الشعور بأي شيء آخر، راحت تمشط الطرقات لعلها تجد من ما زال في جسده ضمير ليمد لها بقطعة خبز، لكنهم قذفوا في وجهها بأبشع الجمل، لم يكتفوا بنعتها بابنة العاهرة، بل منهم من صفعها بقوة و حتى من ركلها و هم ينعتونها بالغير شرعية، لكنها اكتفت بالابتسام بسخرية و راحت تبتعد عن تلك المدينة القذرة، معدة فارغة و ألم يمزق فؤادها " رفعت بصري إلى الغريبة التي توقفت فجأة عن سرد الأحداث، نظرت إليها و هي تبتسم للبحر، لأنتبه للصندوق الحديدي الصغير الذي كانت تحمله بين يديها و تضغط عليه بقوة، و كأنها تتوسله كل لا يبتعد عنها، ثم وقفت و همت بالمغادرة لتلتفت إلي و تمد لي زهرة بيضاء و تقول يمكنك إيجادي هنا دوما في نفس الوقت، ثم غادرت بخطوات ثابتة إلى أن اختفت عن الأنظار، فاعتدلت في جلستي و أخذت هاتفي لأنقر عليه فأرى العدد الكبير من المكالمات الفائتة التي بعثتها والدتي " تبا " تمتمت لأقوم من مجلسي عائدة للمنزل، إلا أن الفضول كان يتآكلني لمعرفة ما واجهته نور بعد تشردها .
أنت تقرأ
شبه حبيب [ مكتملة ]
Romanceمجموعة قصصية تضم : - لقاء مع الشيطان - A New Life - صديق بالتراسل - المجهولة - وحيدة بينهم - شبه حبيب قراءة ممتعة 😍❤