إستلقيت على سريري و أنا أتذكر كلمات الغريبة، لم أستطع التركيز على شيء طوال اليوم عدا التفكير في نور، بما أن الغريبة طلبت مني أن أدع الأمر سرا بيننا لا بد أن نور ليست مجرد شخصية في حكاية، لابد أنها في الواقع، لابد أنها تعاني في مكان ما، لم أستطع النوم حتى، بل راودتني كوابيس طوال الليل، و ما أن استيقظت صباحا حتى اتجهت نحو الميناء، و ما استغربت منه أن الغريبة كانت هناك بالفعل، أيعقل أنها ظلت على مقعد الميناء طوال الليل، تنهدت على أفكاري الغبية، و جلست بهدوء إلى جانبها لأطلب منها إكمال سرد ما حدث للطفلة نور، لتبدأ السرد بصوتها الهادئ الرائع :" لم تكن الطفلة نور محظوظة بما يكفي، فقد اختارها العجوز لمرافقته، انتابها شعور سيء جدا، لكن ما حدث كان أسوأ، كان أسوأ بكثير، لقد أخذها العجوز إلى حيث دفنت طفولتها، و فتحت أبواب الجحيم، كان ذاك المبنى مقبرة لطهارة فتيات لم يتجاوزن مرحلة الطفولة، لم يذقن طعم الطفولة، فتيات قذف بهن القدر إلى حيث يلتجئ أكثر الرجالة قذارة في المجتمع، ليشبعوا رغباتهم الغريزية بوحشية، لا أحد من تلك الفتيات اختارت دخول ذاك المبنى، أو ضحية وحشية كل أولئك الشياطين، خسرت عذريتها في المرحلة التي كانت ماةتزال بحاجة لدفئ العائلة، و للاستمتاع، و ما ذنبها إن وجدت في مجتمع لا يعرف للرحمة معنى، خرج ذاك الوحش من الغرفة بعد أن أشبع رغباته، و الطفلة ارتدت ثيابها و أخذت سكينا من صحن الفواكه، كانت تعرف جيدا أنه لم يظل شيء آخر لتفقده، لا شيء، دخل العجوز بغرض نقلها نحو ما يطلقون عليه بسكن العاهرات، لم يدر أنه سيلقى حتفه على يد نفس الطفلة التي أخذها من الميتم قبل يومين، غرزت ذات الأربعة عشر عاما ذاك السكين في بطن العجوز، بنفس البرود الذي واجهت به كل تلك الأزمات واجهت سقوط جثة العجوز على الأرض، كانت الطعنة كافية لقتله، لتدخل يدها في جيب معطفه الأسود القصير و تخرج هاتفه، إلتقطت صورة له، و نشرتها في حسابه بعد أن كتبت :" ها أنا ألقى حتفي بعد أن دمرت حياة كل تلك الطفلات اليتيمات، إنه العدل "، حين تأكدت من نشرها ضربت الهاتف عرض الحائط ثم جمعت شظاياه و أدخلتها في جيبها، لقد تلطخت يديها بالدماء و صارت مجرمة، لكن بفضلها تحررت العديد من الفتيات من ذاك المبنى البائس " توقفت الغريبة عن السرد و أحكمت إمساك علبتها الحديدية لتغادر دون أن تظيف على كلامها شيئا، لم أعرف أن وحشية البشر قد تبلغ هذا المستوى، أيعقل أن تواجه طفلة صغيرة كل هذه الصعاب، أيعقل أنه تم إلقاء القبض عليها لتقضي بقية حياتها في السجن، لم أستطع منع دموعي من النزول، بكيت بقوة، عجزت عن كبح دموعي، فبكيت .
أنت تقرأ
شبه حبيب [ مكتملة ]
Romanceمجموعة قصصية تضم : - لقاء مع الشيطان - A New Life - صديق بالتراسل - المجهولة - وحيدة بينهم - شبه حبيب قراءة ممتعة 😍❤