٢٢

21 4 0
                                    


بعد شهرين ...

جلست أنظر إلى نازلي التي كانت شاردة و الحزن يطغى على ملامحها، عادت لارتياد المكتبة، انغمست أكثر في العمل و الأسوأ أنها باتت تبتعد عن الجميع، حتى عني، و تتصرف برسمية مبالغ فيها، صارت مختلفة جدا، تغيرت للأسوأ، السواد غطى ملابسها، لا ألوان، لا ابتسامة، و حين تقابلني تتصرف بطريقة غريبة و كأنها تريد أن تقول

-" ابتعد عني "

فضلت مراقبتها عن بعد، ربما ذلك أفضل لكلينا، لكن في السادس من أكتوبر، بلغني خبر دخولها لمستشفى الأمراض النفسية، كان وقع ذلك الخبر قويا، و في اللحظة ذاتها التي استقبلته وردتني رسالة منها، كان ذلك و كأن القدر يخبرني أنه الأقوى و أنني ما كان علي النظر إليها من البداية، و كأنه يخبرني أننا لن نجتمع و أنني سأظل أعاني بسبب قلبي للأبد، تجمعت الدموع في عيناي و أنا أقرأ محتوى الرسالة

-" مرحباا براق، آسفة لابتعادي المفاجئ، لكنني كنت مضطرة لذلك، أنا لا أستطيع تكوين العلاقات، بل أنا أخشى تكوينها، ربما تعرفنا ما كان عليه أن يحدث، لأنني تعلقت بك، لقد قرأت في كتاب أن الحب يؤذينا ليجعلنا أقوى، لكنني لا أرى ذلك، الحب يعكس لي مدى ضعفي، أنا وقعت في حبك براق، لا أدري كيف لك، ربما بسبب اهتمامك المفرط أو شخصيتك المرحة، و ربما فقط لأنني رأيتك مختلفا، لكن لو كان الخيار بيدي ما كنت لأختار حدوث هذا الحب، لأن ذلك الشعور الذي يتغنى به الأدباء هو سلاح لفتك الفؤاد، و هو يؤلمني، لقد استمررت منذ مراهقتي بإقناع الناس أنني بخير و أنني لست مريضة، أنني أرى الألوان، و أنني لست حزينة، لكن لم أتمكن من إقناع نفسي، لأن الواقع واضح، لا يمكنني أن أكون مثل الآخرين، لا يمكنني تكوين صداقات، الحديث مع شخص قابلته في المحطة، الابتسام في وجه موظفة الاستقبال، الغناء في الشوارع الخالية، الوقوف تحت المطر، الرقص، الخروج للتسوق، ارتداء ثياب متناسقة، أنا لا أحب ذلك، و لا أستطيع إرغام نفسي على شيء أنا لا أريد القيام به، لم أعد محرجة من الاعتراف بكوني مكتئبة أيضا، أنا أعاني من الأرق، أرى الكوابيس، أبكي دون سبب أحيانا، و لا أجد ما يجعلني أتشبث بالحياة، براق ! أنا لست تلك الفتاة التي تظنها، هناك شخص هش بداخلي، و أنت عاشق حياة و تستحق شخصا مرحا يشاركك سعادتك، و يسعدك، لا شخصا متذمرا كئيبا مثلي، رجاءا براق لا تصعب الأمر علي، و ابتعد فحسب، أرجوك ... N "

شبه حبيب [ مكتملة ]حيث تعيش القصص. اكتشف الآن