4

37 4 0
                                    


اتجهت صوب المستشفى، ألقيت التحية على الحارس و موظفة الاستقبال ثم استقللت المصعد نحو مكتبي، لمحت غلافا أزرقا سماويا لأتدارك أن سارة ( السكرتيرة ) قد وضعته هنا أمس، فتحته لتقع عيناي على بعض المعلومات العامة عن أنور، و ما لفت انتباهي هو السبب في معاناته من انفصام في الشخصية، كانت كلمة " اختطاف " مكتوبة بخط واضح، اعتدلت في جلوسي على كرسي المكتب، وضعت يداي على رأسي أحاول الضغط عليه بقوة آملة في أن يتوقف الألم الذي يسري بعروقي، تابعت تصفح الأوراق

" مدمن ممنوعات سابق "

-" تعالج في مركز إعادة التأهيل لثلاث سنوات "

-" ظل أسيرا عند منظمة استئصال أعضاء لخمس سنوات "

-" يعاني من ضعف بالذاكرة "

-" تنتابه نوبات هلع متواصلة "

تمتمت متذمرة

-" لم يبعث مركز إعادة التأهيل معلوماتا أخرى عن عائلته أو مراحل علاجه !! "

ألقيت بالملف على سطح المكتب بغضب لأسرح في دوامة أفكار لا حصر لها و لم يفقني من شرودي إلا صوت سارة و هي تقول

-" آنسة إلين المريض ١٤١٦ تبدو حالته سيئة، يرفض التحدث مع الممرضات أو تناول الطعام، منذ دخوله لغرفته و هو كتمثال حجري "

سِرت بين أروقة المستشفى لأقف أمام غرفته، أغمضت عيناي و تمنيت أن يكون كل شيء على ما يرام ثم أدرت مقبض الباب و دخلت، أرعبني مظهره، تراجعت خطوة للخلف أنظر إليه، يركز عينيه على الأريكة المقابلة له بشكل مرعب، وجهه شاحب و الهالات السوداء تحيط بمقلتيه، خصلات شعره مبعثرة، كان كالأشباح في أفلام الرعب، ما أن وقعت عينيه علي حتى أسرع نحوي و دفعني إلى الجدار ليشدد بقبضته على عنقي قائلا بغضب ممزوج بخوف

-" لقد وعدتني أن تساعديني، ظننتك مختلفة، لكنك مثلهم، لقد وضعتني في نفس الغرفة التي وضعوني فيها "

أبعد يديه عني لأشهق بقوة و أحاول تجميع الهواء و تنظيم أنفاسي، لأقول

-" إهدأ سنغير الغرفة ... سنغيرها ... أعدك "

ازدادت صعوبة تنفسي، جلست على الأريكة محاولة أن أهدأ، كانت الشرارات تتطاير من عينيه، سرعان ما ارتخت ملامحه ثم جلس بجانبي ليهمس

-" لا أحب هذه الغرفة "

وجهت نظري إليه لأرى الألم متربعا في بؤبؤيه، لابد أن العصابة وضعته في مركز مشابه للمستشفى من أجل مسألة الفحوصات للتأكد من سلامة أعضاء جسده، إبتسمت له بتكلف لأقول

-" أ يعجبك اللون الأزرق ؟"

أعلم مسبقا أن لونه المفضل هو الأخضر لكنني مجبرة على جعله يهدأ، لطالما تساءلت لِم لا أستطيع كرهه، لكن ينتهي بي الأمر دون إيجاد إجابة واضحة، لم أستطع كرهه طوال السنوات الماضية رغم كل ما فعل ؟! هل أنا غريبة أطوار لهذه الدرجة ؟! .

شبه حبيب [ مكتملة ]حيث تعيش القصص. اكتشف الآن