٣

34 3 0
                                    


وقف النادل أمام طاولتنا منتظرا طلبنا لأقول

-" أريد نقانقا مطبوخة، قطع خيار، بيضة مقلية، قطع جبن، خبز محمص ... و قهوة "

إبتسم سيف بل يمكن القول أنه ضحك، ليقول بسخرية

-" أتعتبرين هذا فطورا ؟! ... لم أتوقع أنك تتناولين الكثير "

ثم نقل بصره للنادل ليقول

-" كوب كابوتشينو و كعكة بالشكولاطة "

سجل النادل الطلبات ثم غادر، ليقول سيف كاسرا الصمت

-" متى ستكملين دراستك الجامعية ؟"

-" لقد بدأت بالفعل، لكن أفكر بالسفر إلى مسقط رأسي "

بصق الماء الذي كان بصدد شربه، ثم بدأ يسعل بشكل متواصل حتى شعرت أنه يكاد يختنق، ثم أحضر النادل الطلبية، فتغير مجرى حديثنا
تناولنا الطعام ثم عدنا للشركة، جلست في مكتبي و بدأت العمل ليرتفع ستار الزجاج الذي يفصلني عن المكتب المجاور، لألمح وجه سيف الباسم، لصق ورقة ملاحظات و كان مكتوب فيها

-" شكرا على ترحيبكِ بي جارتي "

إبتسمت بسخرية إنه طفل كبير، ثم انهمكت في العمل حتى تشنجت رقبتي بين الأوراق، و ما أن كاد النوم ينال مني حتى حملت بقية الأوراق لإكمالها بالمنزل، خرجت من المبنى، نظرت إلى ساعتي التي تشير إلى الثامنة و الربع مساءا، لابد أن مدبرة المنزل قد غادرت منذ مدة، فاتجهت نحو المطعم، اشتريت بيتزا و عصير برتقال، ثم عدت لسيارتي الفورد البيضاء، قدت بين الشوارع الخالية لأصل إلى ذاك المنزل متوسط الحجم، أخذت جهاز التحكم الصغير و ضغطت عليه لتفتح البوابة، فتقدمت لأركن السيارة بالداخل، ثم فتحت باب المنزل و دخلت، المنزل كئيب بدون إخوتي و والداي، استحممت ثم شغلت التلفاز و جلست أشاهد فيلم " كل شيء من أجل الحب "، ليردني اتصال من رقم مجهول، أجبت لأتلقى صوتا رجوليا خشنا

-" مساء الخير آنستي "

-" أظنك أخطأت في الرقم سيدي "

-" آسف آنستي "

إنقطع الخط لأضع الهاتف على المنضدة و أتجه نحو المطبخ

#منظور_براق


قطعت الاتصال لأضع يدي على الجهة اليسرى من صدري، فقد كاد الفؤاد أن يخرج من مكانه بسبب قوة نبضه عند سماع صوتها

نازلي، الشابة القصيرة، النحيفة، السمراء، غريبة الأطوار بالنسبة لمن حولها، فالتناسق أمر لا تستلطفه، و الاعتناء بمظهرها أمر لم يسبق لها التفكير فيه، ضحكتها كسعال قط حتما، و صامتة هي غالبا، لا تحادث سوى من تستلطفهم بالفعل، تتصرف أحيانا كطفلة لم تتجاوز الرابعة من عمرها و أحيانا كامرأة ناضجة حكيمة، تحب أن تكون على ما هي عليه دون أن تكلف نفسها عناء التصنع لإرضاء الغير، بالنسبة للمحيطين بها هي مريضة نفسية و بالنسبة لي هي مميزة ♡، أملك ملايين المعجبين، و توقيع مني قد يعني لهم الكثير، لكنها تمر بجانبي و لا تكلف نفسها عناء النظر إلي حتى ! و كعادتي أنتظرها في المكتبة لألمحها و لو على بعد أمتار تلتهم حروف الروايات بعينيها بنهم، ضعيف أنا أمامها، أضعف من أن أحادثها

شبه حبيب [ مكتملة ]حيث تعيش القصص. اكتشف الآن