الفصل الثلاثون ( خيانة )

551 54 1
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم 

" إذا ألقيت حجرًا في النهر، فإن النهر سيعتبره مجرد حركة آخرى من الفوضى في مجراه الصاخب المضطرب، أما إذا سقط الحجر في البحيرة، فلن تعود البحيرة ذاتها مرة أخرى "

صدق من قال أن الغضب يجبر الإنسان على التفوٌه بالحقيقة، حتى و إن طال تخبئتها لفترة طويلة و حُفظ بنيانها جيدًا، يأتي الغضب مرة واحدة ليهدم هذا البنيان بنيرانه الثائرة و جمراته الملتبهة التي يتم قذفها على من تسبب بهذا الغضب ..

 - ولا أقولك يا آدم ؟؟

تلك الجملة التي جعلته ينتفض مكانه و ضربات قلبه تتصاعد تباعًا، يتصبب العرق  من جبينه و الحروف تفر من لسانه، حاول تبرير موقفه بكلماتٍ مُبعثرة مرتبكة 

 - هاجر، والله أنا كنت _

بترت كلامته بصياحٍ عالٍ أدى إلى إلتفات الناس نحوهم 

 - مش عايزة أسمع صوتك، و مش عايزة أعرفك أصلًا، إنت واحد كداب و نصاب و أنا غلطانة إني فتحتلك قلبي 

تقدم نحوها بمسك ذراعها يحثها على الرحيل من ذاك المكان العام

 - هاجر، خلٌينا نتكلم في حتة تانية

جذبت ذراعها بحدة تصيح به بحنق تتكيء على حروفها

 - مش هتكلم معاك

آشارت على نفسها و بدأ البكاء يغرق كلماتها النادمة 

 - إنت عارف أنا عملت إيه علشانك ؟؟

لم يُجبها فآجابت هي بألمٍ دفين

 - أنا بسببك كدبت يا آدم، قولتلك إن أنا حد تاني، خليتني أكدب على نفسي عشان كنت مصدقة إنك بتحبني 

سخرت من كلماتها بألم

 - أيوة، أنا مش زي ما إنت كنت فاكر، أنا معنديش حاجة، لا المطعم ولا غيره، و أقولك كمان، أبويا كان متهم بجريمة قتل و إنتحر في السجن، و أنا مكملتش تعليم عشان أشتغل و أصرف على نفسي

خفت صوتها و هي تعاتب نفسها

 - كنت فاكرة إن إنت مختلف، و إنك هتنسيني إللي أنا عايزة أنساه، بس طلعت زيهم، و طلعت أقذر منهم كمان

بصقت كلماتها الأخيرة و هي تُشير عليه بحنقٍ، تجمعت الدموع على مقلتيه و لسانه يأبى الحديث، فقط يقف في حالة من الصمت أمام كلماتها التي تشبه السكاكين حادة النصل 

 - أنا كدبت عليك عشان تحبني، بس إنت طلعت مش بتحب غير نفسك، و أنا مش هكمل مع واحد حقير زيَك

خلعت خاتمها و وضعته بعنفٍ على الطاولة لتهرع بعدها بسرعة من المطعم و تتركه متسمرًا مكانه بعد أن تمرمغت وجنتاه بالدموع و طفق ينتحب في صمت، إلتقط الخاتم الذي على الطاولة يحدق به لفترة يحاول أن يُصدق ما حدث معه للتو، يحاول إستيعاب أنها ستختفي  من حياته التي إعتاد أن يراها فيها، ودٌ لو عادت بضعة أيام إلى الوراء لعله يُصلح خطأه قبل فوات الآوان، لكنه مع الأسف لن يستطيع فعل ذلك، فيبدو أنه لن يرى تلك الوردة الرقيقة التي أطلقت رحيقها في حياته القاطمة أبدًا...

قلب محظور ( مكتملة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن