الفصل التاسع و الستون ( مواجــــهة )

341 38 0
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم

" لابد للمرء آخر الأمر أن يقف وجهًا لوجه أمام متاعبه و ينظر إليها بجرأة و حدة، بدلًا من أن يصرخ قائلًا كطفلٍ صغيرٍ : الله لن يسمح بذلك "

في هذه الحياة، نسعى بجهدٍ كي نتسلق جبلًا عاليًا لعلنا نصل للقمة و ننال المجد و المكانة، لكن الخُذلان يُسيطر علينا حالما نكتشف أن هذه القمة التي لطالما أرهقنا أجسادنا كي نصل إليها، ما هي إلا مساحة ضيقة مُكفهرة شديدة البرودة لدرجة تجعلنا نرغب في العودة لأسفل مجددًا، لكن كيف لنا أن نعود دون أن نضطر للسقوط و الإرتطام ؟؟

دموع تنسل واحدة تلو الأخرى على أهدابها و كأنها غيث في ليلة شتوية قارصة، بُقعة كبيرة من الدماء تتوسط ثيابها تجعل من يراها يعتقد و كأنها قُتلت و عادت إلى الحياة كالموتى الأحياء، لا تكترث بتلك النظرات المُشفقة و المتسآلة المصوٌبة نحوها و لا لتلك الدماء التي أخذت من ثيابها بيتًا لها، فقط البكاء في صمتٍ و أعينٍ تزيغان في الفراغ، أما عن جسدها فكان مُتخشبًا كالصنم تُشعرك لوهلة أنها مُتغيبة عن العالم و لا تُهتم بما يحدث حولها

إرتمت مايا جوارها على المقعد برواق المشفى، وضعت يدها برقة على كتف ميرال تسألها بصوتٍ خافت مُحملٍ بالصدمة

 - ميرال ... هو إيه إللي حصل ؟

لم تُجبها ميرال لكن دموعها آجابت بدلًا من فمها و إنهمرت أكثر حتى تحوٌُلت إلى بكاءٍ مرير عندما جال أمامها ما حدث ليلة أمس، إلتقفتها مايا بأحضانها تُربت على ظهرها بحنانٍ جارف حاولت معه بثها بعض الطمأنينة

 - إهدي إهدي ... يوسف إن شاء الله هيبقى كويس

خرج صوتها بين شهقاتها ملطخًا بالألم و الإحساس بالندم

 - أنا السبب ... انا السبب ...

هدأتها مايا أكثر لعلها تحاول إخماد ثورتها و نفي حديثها بحنانٍ

 - ششش... إنتي ملكيش دعوة بإللي حصل ... اكيد ملكيش دعوة أنا متأكدة

إنخرطت ميرال بالبكاء و ظلٌت مايا جوارها تحاول تهدئتها قدر المُستطاع، إرتمت جومانا بجوار ميرال من الناحية الأخرى بعد أن جاءت هي و والدتها فور سماعهما لما حدث بعد أن قامت ميرال بمهاتفة والدها الذي أخبر جومانا و التي أشاعت الخبر بدورها، فأصبح جميعهم بالمشفى  ينتظرون الأطباء ليهرعوا من حجرة العمليات و يخمدوا هذه الثورة المتأججة بداخلهم

يستند إياد على الحائط بالقُرب من حجرة العمليات، تحجر وجهه و بدا أثر الصدمة على ملامحه، فلطالما كان يوسف من أعز أصدقاءه و لم يتخيل أبدًا أن يحدث له شيء كهذا، إقترب عُمر نحوه يُربت على كتفه كمحاولة لطمأنته رغم قلقه العارم

قلب محظور ( مكتملة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن