الفصل الرابع و الخمسون ( ستنال عقابًا )

470 46 0
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم

 " جد الشخص الذي سيكون مرآتك "

لو كان الطبيب يستطيع مداواة جراحه، لإستطعت أن أداوي تلك الجراح التي تعتمر قلبي، فرغم دراسة العلم و المعرفة و رغم معرفتي طريقة العلاج، إلا أنني أخشى الإقتراب من جرحي حتى لا أجده يزداد ألمًا ...

توقفت أقدام ميرال أمام إحدى المنازل المتهالكة التي عفا عليها الزمن، كان هذا المنزل مكتمل البناء قديمًا إلى أنه الآن قد تم إزالة جميع أثاثه ليضحى قاحلًا خاليًا من الحياة يجعلك تظن أن الشياطين قد إتخذت منه موطنًا و الجرذان قد تزوجت و أنجبت بداخله

تصاعدت ضربات قلبها و هي تتقدم بخطواتٍ مترددة تشعر بأطرفاها المرتجفة و السقيع الذي غمر أنحاء جسدها، إتبعها يوسف كما طلبت منه و طفق يسير وراءها و يتفحص هذا المكان المقزز الذي بعث إنقباضة داخل صدره

تسمرت ميرال مكانها عند أعتاب المنزل تُطيل النظر أمامها و سيل جارف من الذكريات السيئة يمر أمام ناظريها يُذكرها بتلك الليلة التي تحاول بكل جهدٍ نسيانها، قلبها يُخبرها أن تفر من هذا المكان و عقلها يحثها على مواصلة السير و التغلب على مخاوفها، أغمضت عيناها في محاولة للإستجابة لعقلها لتأخذ بعدها أنفاسًا عميقة تمني نفسها بأن كل شيءٍ سيسير على ما يرام

تحركت بأنامل مرتجفة داخل المنزل أكثر تقدم قدمً و تؤخر الأخرى إلى أن وجدت نفسها بمنتصف هذا المنزل المقيت تحديدًا بهذه البقعة التي تدمرت فيها حياتها و كانت نقطة إنطلاق لعقدها، تشعر بطبولٍ تُقرع داخلها و لهيث يخرج من أنفاسها بصعوبة، بقي يوسف خلفها يراقب تحركاتها ينتظر رؤية ما ستفعله

رمقته بنظراتٍ صارمة تخبره من خلالها أنها لن تستسلم مهما حدث، تفحصت هذه البقعة جيدًا لتتلألأ الدموع على أهدابها أثناء تذكرها لتلك النظرة الضعيفة المستنجدة الخاصة بفريدة قبل أن تنبثق الدماء من عنقها، خارت قواها مرة واحدة و لم تعد تتحمل الصمود أكثر من هذا، ركعت على ركبتيها و هي تتحدث بوهنٍ و إنكسار تتلمس الأرض موضع بقعة من الدماء الجافة

 - هنا شوفتها و هي بتقع قدامي... لسة فاكرة صوت صريخها و هو بيرن في ودني... هو دا المكان إللي خسرت فيه نفسي ... و خسرتها هي كمان ...

إنخرطت في بكاءٍ أليم جعل يوسف يطالعها بخزي حتى كاد يبكي جوارها، كفكفت بعض دموعها لتستطيع مواصلة الحديث

 - عارف ... لو هي كانت ماتت بطريقة تانية كنت هتقبل الموضوع و أقول ده قدرها ... مكنتش هحس بالذنب لغاية دلوقتي ... بس إللي قاهرني إن أنا إللي كنت السبب في موتها ... انا لحد دلوقتي بهرب من أهلها عشان مشوفش نظرة الحزن و القهرة إللي في عينيهم .... نظراتهم ليا كانت بتموتني أكتر ما أنا ميتة ...

قلب محظور ( مكتملة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن