فراغ عميق

62 4 51
                                    

"هيونغ!"

"......."

"هيونغ!"

"......"

"تبا ما الذي يفكر به بحق ؟"

كان تانغ بو يكافح بصعوبة محاولا مطابقة خطواته، وعلى الرغم من محاولته الحديث إليه إلا أنه بدا كما لو كان في مكان آخر

"رجاء ..... فلتكونوا بخير"

في تلك اللحظة كان كل ما عاشه من الألم يعود إليه كأمواج تكتسح روحه، الضربات التي تلقاها، كل صديق فقده، وكأن كل خيبة أمل كانت تطارده.
شعر وكأنه طير محاصر في قفص أحاطت به الأشباح، ركض تشيونغ ميونغ كالبرق للعودة إلى الطائفة، تخلى عن كل الأموال والكنوز التي جمعها خلفه وسارع للعودة، لم يستطع تانغ بو فهم ما يجري، بمجرد أن قرأ تلك الرسالة وهو على هذه الحال كما لو كان شخصاً آخر
" ما الذي كتب بتلك الرسالة بحق؟"

ركض دون تفكير، كما لو أن الأرض تحت قدميه قد تحولت إلى قنبلة موقوتة، كل خطوة كانت كفيلة بأن تجعله ينهار. كان يختصر المسافات، لكن الوقت بدا وكأنه يبطئ، كل لحظة تمر كانت كالعمر.

"أرجوك يا إلهي لا تدع ذاك الكابوس يصبح حقيقة"

نعم ذلك الكابوس اللعين الذي أرقه وهز عالمه كزلزال دوى بكل ما كان يؤمن به من قبل، كانت خطواته سريعة ومتثاقلة في آن، تلك السلاسل التي تقيد قلبه وتضغط على صدره فتخنقه، ظلال الماضي المرعبة التي أحاطت به لا لعلها المصير البائس في المستقبل؟ ، أيا كان فقد كصاعقة ترددت في صدره كما لو أنها أزيز سيف يقطع الهواء، رغم أنه مجرد حلم، إلا أن ذلك المشهد لم يفارق ذهنه ولو للحظة، ذلك الكابوس الحي ينبض ويتراقص أمام عينيه

مشهد إخوته المضرجين بالدماء
صرخاتهم التي رنت بإذنيه
عاد لذهنه مشهد إخوته المغطين بالدماء، كابوس حي ينبض يتراقص أمام عينيه،
الصرخات التي تسللت إلى عقله

"لما لم تنقذنا؟"

"ساهيونغ إذا ساء الأمر سأهرب وأختبئ حينها بالتأكيد ستجدني لاحقاً"

"تشيونغ جين مفقود"

"لما ؟...لما لا يمكنني الذهاب لإنقاذه؟...أنا...لن أقبل هذا القرار حتى لو مت"

"هيونغ عندما ينتهي كل شيء لنذهب في رحلة حول العالم ما رأيك"

"لا...سأنقذك...لا...تمت...بو!"

"هيونغ اعتن بعائلة تانغ لأجلي"

رائحة الدماء التي نبضت في أنفه، ذاك الشعور المقزز والغثيان الذي اجتاحه، رائحة الحديد التي اختلطت برائحة التراب الرطب
الجثث المترامية في كل مكان، كأوراق شجر ذابلة
تلك العيون الفارغة التي تحدق به
الأجساد المشوهة
قطع اللحم المتناثرة في الأرجاء
الحياة التي تلاشت من المكان تحت وطأة موت لا يرحم
ذاك الجبل الذي كان مورقا أخضر بالأمس بات اليوم أحمر قرمزيا، يفوح بالدماء
ذلك الشعور الحي، ذلك الكابوس الرهيب

نافذة على الذكريات حيث تعيش القصص. اكتشف الآن