قيود الماضي

95 7 46
                                    

تسابقت الأفكار في رأسه بينما يغلق عينيه بإحكام كما لو كان يهرب من الهواجس التي تطارده، السكون العميق الذي غلف المكان جعل قلبه يتوقف لوهلة عن النبض كما لو أن الزمن قد تجمد، شعور الوحدة يتسلل لأعماقه، يخنق أنفاسه ويؤجج النار بصدره المحترق، لوعة الفراق التي لم تفارق ذهنه يوماً.

تردد الصمت في أذنيه كصدى بعيد، كلما ملأ ذهنه هو صور مشوهة لأحبائه الذين فقدهم
"هل ..."

طعنته تلك الوساوس كخنجر يلتف ويغرز عميقاً في روحه الجريحة، لم تكن لديه الشجاعة لفتح عينيه ومشاهدة الغرفة الفارغة ولكن في تلك اللحظة رن في أذنيه صوت مألوف صوت مزعج ويثير الحنين

"هاه؟ ساهيونغ؟"

"تشيونغ ميونغ؟"

كافح الأصوات بداخله وفتح عينيه كما لو كان يناجي لأجل الخلاص من العذاب الذي أحاط به، في تلك اللحظة انحسرت تلك الظلال في لحظة واحدة.

أمام عينيه كان رفاقه يقفون وينظرون له مع ابتسامة على وجوههم كما لو عادو من غياهب النسيان، كانت وجوههم تنبض بالحياة لكن

"هل هذا حقيقي؟"

اجتاحت مشاعره عاصفة من الفوضى كان رفاقه محيطين به لكن صورهم تداخلت بطريقة مروعة كلوحة فنية متصدعة تتبدل بين الحياة والموت في لحظة.

ابتسامة أخيه الحانية والمشرقة وعيناه اللتان لطالما احتضنتاه بدفئهما، تبدلا لأخرى جاحظة من أثر الرعب بتعبير مشوه ودم يتدفق من جرح عميق في جبينه.

"س...اه...يو...نغ"

و تشيونغ جين الذي كان ينظر له بابتسامة مشرقة على وجهه ونظرة فخورة كما العادة لكن،
سرعان ما تبدلت ابتسامته لأخرى يائسة لشخص تخلى عن حياته في كهف لا يعرف النور إليه طريقاً على أرض صلبة قاسية وبجسد جريح تسيل منه الدماء يحتضن بيديه الضعيفتين وجسده المفتت إرث الطائفة الذي فداه بروحه

وآخر

وآخر

وآخر

وجوه شاحبة خالية من الحياة تارة وتارة ابتسامة دافئة ووجهاً سعيداً نابضاً بالحياة، ندائهم الصادق يتحول لصرخات موت تحيط به كدوائر من اليأس لتختلط بذلك مع همسات الذكريات المريرة

"تشيونغ ميونغ!؟"

ترددت في أعماق روحه لتعبر عن ألم لا يحتمل، حيث تشابكت أصواتهم الدافئة، تلك التي كانت تُشعره بالطمأنينة، مع صرخاتهم المتألمة، تتردد في أذنه كأصداء لشبح ماضٍ لن يزول.

نافذة على الذكريات حيث تعيش القصص. اكتشف الآن