(13)

918 17 2
                                    


ختم الطبيب جملته بأسف شديد ، لطمت "ساميه" خديها بشكل سريع ثم ضربت صدرها بكفها صائحه بأنفاس متلاشيه :

- يالهوي ! يانهار اسوود ! 

هبط الخبر علي "فاتن" كالصاعقه ولكنها لم يرف لها جفن وكأن الصدمه جمدتها كلياً ، بالرغم من سماعها لنواح صديقتها الي انها انفصلت عنهم بالكامل وانقطع اتصالها بهم صافنه بكلماته وكأن سنوات عمرها مرت امام عينيها في لحظه ، رمشت "فاتن" محاوله استعاده رشدها ونظرت نحو الطبيب الذي تدخل مهدئاً "ساميه" :

- اهدي لو سمحتي الموضوع مش خطر زي ما انتي فاكره.

هبطت الدموع بغزاره علي وجنتي "ساميه" صانعه خطوط سوداء نتيجه لإمتزاجها مع كحل عينيها :

- مش خطر ازاي يا دكتور مش بتقول سرطان !

- ايوه بس الموضوع مش بالخطوره اللي انتي متصوراها دي.

- قدامي أد ايه يا دكتور ؟

صدر صوت "فاتن" باهتًا وكأنها كانت تجاهد في معركه مرهقه حاملاً في طياته بؤس ويأس عاتي ، تضاعف بكاء "ساميه" وتعالي نجيشها بينما قال الطبيب بصدق :

- ليه يا مدام التشاؤم ده ؟ يا جماعه الموضوع مش بالشكل ده انتوا مدتونيش فرصه اكمل حتي.

لم تتوقف "ساميه" عن النواح مما ازعج الطبيب ولكنه في الوقت ذاته التمس لها كل الاعذار ، صاحت هنا "فاتن" بحده لتسكتها :

- بس يا ساميه.

عضت "ساميه" علي شفتها السفليه لتكبح صوت نشيجها فإزداد اهتزاز جسدها ، تنفس الطبيب بأسف و قال بوقار:

- مدام فاتن انا صحيح قولت انك مصابه بسرطان بس انتي محظوظه لأن المرض لسا في بدايته ومتملكش منك.

امسك التحاليل والفحوصات الموضوعه امامه متطلعاً عبر نظارته الطبيه :

- شوفي يا مدام فاتن.. الخليه السرطانيه اللي في المخ لحسن الحظ لسا متضخمتش يعني لسا في اولي مراحله وده اللي باين عندي بوضوح .

- يعني ايه ؟

تساءلت "فاتن" بإهتمام ، فتابع الطبيب مستبشراً :

- يعني ممكن جدا استئصاله.

انتفضت "ساميه" بتهلل من بين دموعها وقالت بلهفه :

- وتخف يا دكتور ؟

اومأ الطبيب وقال وهو يتناول قلمه ليبدأ في تدوين بعض الملحوظات :

- اكيد طبعا كل شئ جايز وفي ايد ربنا.. بس الموضوع مش بالسهوله دي في حاجات كتير المفروض تتعمل .. انا هحولك علي دكتور مختص وهو هيتابع حالتك ويحدد امتي ينفع التدخل الجراحي لو لزم الأمر واهم حاجه المتابعه الفتره الجايه .. متخافيش وسلميها لله .

________________________________

صبت السيده "نيڤين" كامل تركيزها بالتلفاز امامها وقد انسجمت حقاً مع الفيلم القديم المعروض علي الشاشه الكبيره ، تخللتها نسمه هواء بارده فشدت الشال الملتف حول كتفيها النحيفتين متشبثه به بقوه ، ابتسمت تلقائياً متذكره حفيدها حينما وضعه علي كتفيها اول مره.. رباه كم اشتاقت اليه حقا ! 

كبرياء الحبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن