وكأنها لا تري غيره علي ظهر هذا الكوكب.
لم تحيد "فريدة" عينيها المصوّبتان علي ولدها أبداً منذ أن عاد إليها بطلتة المحببه ، مر وقتٍ طويل معه آبيه تركه فكان إبتهاجها فيه ملحوظاً لدي الجميع..
وكأن لحضوره وقع السحر عليها فتبدل حالها بلحظةٍ وتوها ، تهللت الأسارير وضج وجهها بحيويةٍ بعد زبولٍ شاحب !سعد "شريف" لعودتها إلي سابق عهدها فجأه ، تٌوزع إبتساماتها هنا وهناك وتتحرك بحرية كصبية في ريعان شبابها..
حتي عندما تحركت وآتت بإبريقٍ خزفي مزركش من الشاي الساخن وراحت توزعه علي الجميع بحماسٍ ..مرّت ساعات إنسجمت فيها "ليلي" تماماً مع عائلته ، احاطوها بإهتمامٍ وإسلوبٍ ودود ، وخاصتة "فريدة" ..فأظهرت عطفاً حنون نحوها جعل قلب "ليلي" يتعلق بها بلا شروطٍ أو تمهيد رغم انه اللقاء الأول فحسب..
إنتبهت "ليلي" لمراقبهٍ "شريف" لها بنظراتٍ ثاقبة ، ظنت في البداية بأنه ذو طباعٍ هادئه ، جامده.. حتي تأكددت من مراقبته لها علي وجه الأخص مدققاً النظر بها ملياً..بقت "فريدة" تطالع ولدها بترقب ، تتأمله ملياً لتشبع إشتياق عينيها من رؤياه ، كان تصرفها ملحوظاً من الجميع ولا سيما "سيف" الذي أخذ يوزع إبتساماته إليها تاره ويضحك منها تاره أخري كالجميع هنا من تصرفها كبلهاءٍ عفويه..
صرفت "فريدة" نظرها عن إبنها أخيرهاً ، تطلعت إلي "ليلي"الجالسه علي الجانب الأخر لولدها ، متساءله بإبتسامه وديعه :
- مقولتليش يا ليلي إنتي بتدرسي ايه ؟
أخفضت "ليلي" فنجان الشاي عن فمها حينما توجهت "فريدة" بسؤالها إليها ، وأجابت بلهجةٍ عذبه لا تخلو من الرقه :
- علوم .
إنبعث سؤال "نيڤين" فوق مقعدٍ وثير علي يسارهم ، تجلس بإرتياح وشكلٍ لائق بسيدة ارِستقراطيَّة مثلها ، واضعه قدماً فوق الأخري ..
- وناويه تتخصصي ايه ؟
نطقت "ليلي" مجيبه ولازالت تحافظ علي إبتسامتها الناعمة :
- ميكروبيولوچي.
رمقتها "نيڤين" بإعجاب أطل من عينيها المبهورتيّن بها بعد أن خاضا حديثاً التمست فيه حسن خٌلقها و تهذبها ، كما رأتها علي قدرٍ حاد من الذكاء إستحسنته بفتاة مثلها ، ولا سيما أن شعور حفيدها نحو تلك الفتاه وصل إليها فسعدت له ، ولعّله تعمد التلميح لجدتة الحبيبة بهذا..
- هايل جدا.
طالعها "شريف" بإمعانٍ وتركيزٍ شديديّن ، يشملها بنظراته التقيمّيه ، وتساءل بلهجته الرصينه :
- إنتي بتشتغلي يا ليلي مش كده ؟
بٌهتت "ليلي" للحظة بإضطراب ، وحمحمت بتخبط .. قلقة من كونها موظفة لديه :
