ساعه كاملة مضت.. ساعة من صمته المثير للأعصاب !
هرعت إليه فور إستدعائه لها إلي مطعمٍ شهير جمعهما في أخر لقاء بينهما كما أطلعها ، توقعت بأنها ستستقبل شكواه من مُعضلة أخري يواجهها ، فبالطبع يرغب في إفراغ جعبته لها لهذا السبب تماماً طلب لقائها !
ولكن "سيف" لم يتحدث سوي مره واحده فقط ! مره طلب فيها صمتها وان تكف عن الإلحاح ، ولكنها لم تستطع الإزعان نظراً لسوء حالته وعبسه المقلق ذاك .
أرادت أن تبدي تذمرها أكثر من مرة على صمته المريب هذا ، لكنها كانت تمنع نفسها بقوة عندما توشك على ذلك صبراً منها عليه .. إلى أن إنتفضت فجأة بسؤالٍ تكرر علي فمها منذ ان حضرت إليه ، لم تطيق الصبر وصولاً عند هذا الحد ..- مش ناوي بقي تقول في ايه ؟
لا شئ.. كل ما حصلت عليه هو الصمت من جديد .. و الصمت فقط !
تنفست بيأس وهي تطالعه بذات السَلوة ، وقالت مدققة النظر به :
- هو انا بعمل ايه هنا ؟
حرك عينيه أخيراً إليها وصوّب نظرة مباشرة إلي عينيها مجلجلاً ملامحه ببرودٍ أثار حيرتها..
- مش المفروض إنك جايبني عشان عايز تتكلم معايا ؟!
سحب أنفاسه بتروٍ و خرج صوته بعد وقتٍ قائلا بلا حماس :
- مش شرط إني عايز اشوفك ابقي عايزه اتكلم . ممكن السكات يكون بألف معني وينطق ألف كلمه.
مالت نحوه قليلاً عبر الطاوله لتستحثه بإصرار :
- بس انا مش عايزاك تسكت انا عايزاك تتكلم وتقولي اللي جواك.. في ايه يا سيف ؟
إحتوي وجهها بعينيه ، واجاب بإسلوب غامض وبهدوء شديد :
- في إنتي يا ليلي.
عقدت حاجبيها بغرابة وهي ترنو إليه بعدم إستيعاب ، اغمض عينيه محارباً تلك الافكار المتضاربه التي تدّق رأسه ، وغمغم بلهجة تكنف ضيقاً بيّن :
- مش عارفه إذا كنت صح ولا غلط.
- انا مش فاهمه !! هو في مشكله بينك وبين أهلك تاني ؟
خمّنت بحيرة غمرتها ، إمتنع عن الرد وبقي رأسه متدلياً علي صدره الثقيل..
- طب سامح يعرف الموضوع ؟
رفع عيناه إليها من فوره عند الإتيان علي سيرة "سامح" .. صاحب الفضل في كافة الأفكار المبلبلة والمشاعر المتضاربه التي تجيش بصدره..
دب بعينيه نشاطٍ غريب ، ربما كان تحفزاً وهو يطالعها بنظرةٍ قوية كسهمٍ يحترق..- وانتي مالك ومال سامح ؟!
لا تنفك "ليلي" تطالعه بتعجب ، اعتدل "سيف" مقترباً منها ودمدم محاولاً إنتزاع كلماتٍ تخرس هواجسه تلك ..
