راح يتفحصها بعينيه المزعورتيّن ، بدت له جثه هامده لا حياه فيها حتي تأكد من إضطراب و تيره أنفاسها المتلاشيه ، زفر نفساً طويلاً حبسه فور رؤيتها علي تلك الهيئه.. راقده فوق الأرضيه لا تصدر عنها أي حركه ولو طفيفه !
- نهارك اسود ! عملت فيها ايه يا هشام ؟
لا ينفك "هشام" يتأوي بألمٍ متأثراً بجرح يده المحتدم ، يعتصر يديه وكأنه يرغب في فصل الشعور عنها ..
- إنت مش شايف عملت فيا ايه ؟!
لم يكف "حسين" عن تحريك وجهها المتراخي بشكل مزري يميناً ويساراً وأخر يهزّ جسدها في محاولاتٍ واهيه لإيقاظها ..
- مصيبتك سودا ومنيله . دي شكلها ماتت !
رمقها "هشام" شزراً بقدر ما يحويه داخله من غلٍ لا يضاهي ، وقال بإهمالٍ قاسي :
- مماتتش .. لسا فيها الروح.
قبض "حسين" علي كتفيها ليرفعها عن الأرض قليلاً وصاح فيه :
- شيلها معايا بسرعه نوديها علي اي مستشفي.
"هشام" بإستهجانٍ عصبي :
- مستشفي ايه انت اتهبلت . عشان ندخل في سين وجيم ويعرفوا اننا خاطفينها !
"حسين" بإصرار أشد :
- مهي لو ماتت هنروح بردو في ستين داهيه .. شيلها معايا يا هشام ربنا يهديك نوديها لدكتور.
- دي لو فاقت في المستشفي هنروح في داهيه فعلا يا غبي وانت قبلي.
نجح "هشام" في التأثير عليه وفلح تهديده بسهولة ، هز "حسين" رأسه بيأسٍ ولم يجد حيله سوي ايقاظها بنفسه ..
- ليلي.. ليلي فوقي ردي عليا.
بقي يربت علي خديها بإصرارٍ حتي صدع صوت "هشام" مره اخري :
- سيبها.. شويه وهتفوق .
نظر "حسين" إلي جسدها الهامد و الدماء المتدفقه علي وجهها والتي لطخت ملابسها معلنه عن مدي سوء حالتها ..
- شكلها ملهاش فوقه .. الله يخربيتك يا هشام !
_____________________________________
إنطلق في طريق العودة ، بعد أن تلقي مكالمة والده ، ليقول بلهجه شديده الجديه في عبارةٍ وجيزة يُخطره فيها بأنه علي علم بمكان حبيبته خفيه الأثر !
لم يستغرق ثلث ساعه الا وقد كان أمام أبيه ، تملكه خوفٍ عظيم وإن لم يظهر هذا بإفراط ..
تمالك "سيف" البقيه الباقيه من اعصابه التالفه تماماً ، احكم "شريف" اغلاق باب مكتبه كي لا يتسرب الصوت إلي أذنيّ زوجته النائمه في الطابق العلوي ، ليصب كامل تركيزه في تلك الكارثه المباغته !
- كنت تقصد ايه يا بابا لما قولت في التليفون انك عارف مكانها ؟
سار "شريف" حول مكتبه وهم بالجلوس خلفه وهو يشير إليه ليجلس قبالته بهدوءٍ تام ..