لم يكن يعلم بأن إشتياقة إلي فراشه قد وصل إلي هذا الحد سوي الآن .. عندما ولج إلي غرفتة لأول مره منذ ثلاث سنوات وتأمل معالمها وأثاثها المحفور بذاكرته منذ أن هجرها.
كما هي .. لم يظهر عليها حتي أثار الهجر ، لا سيما أن والدتة حرصت علي إبقائها نظيفة ولامعة كما لو أن صاحبها مازال يسكنها ، أو لعلة أملٍ في عودتة .. وقد كان !
تمدد فوق فراشة ، يستمع إلي أصغر أفراد العائلة بإنصات شديد ، لم تتركة لحظة منذ ان عاد و أصرت علي المبيت بغرفتة وأن تشاركة الفراش ذاته كما اعتادت منذ سنواتٍ..
أمال "سيف" رأسه إلي كفه ، متكأً بمرفقه فوق الفراش باسماً لها ، وقال بدهشة مصطنعه ليظهر مدي انسجامة معها بعد أن فرغت من ثرثرة طويلة ..
- كل ده عملتيه وانا مش موجود !!
وضحك لها بعذوبة ، قائلاً بحبٍ صادق :
- بس تصدقي وحشتيني .
تزمرت "لينا" واضعه كلتا يدها بخصرها ، قائلة بصوتٍ طفولي لا يخلو الغلظة :
- ايوه يا خويا كل بعقلي حلاوه . ليك عين بعد ما سيبتني و بصيت لواحده غيري ؟
ضحك "سيف" بخفة لعبارتها ومن الطريقة نفسها ، و قال مجارياً :
- وانا اقدر يا لينا . انتي عارفة البيت ده كله كوم وانتي لوحدك في قلبي كوم تاني خالص.
وقد صدق في هذا .. إمتعضت الفتاة بلجهة نمت عن عدم التصديق :
- اسرح بيا اسرح.
غمز لها "سيف" بجاذبية ، وقال :- طب بزمتك مش حلوه ؟
انها مجرد فتاة في التاسعة من عمرها ..
آني لها أن تفهم إلي من يرمي بكلامة ، لذا أيقن "سيف" منذ البدايه انها علي قدرٍ من التعقل والدراية تهديها إلي فهمة بلا جهدٍ منه..
تنهدت "لينا" قائلة بفتورٍ :
- هي حلوه مقولناش حاجه . بس انا احلي.
مد يده ليداعب بطنها بأصابعة ، إنقشعت ضاحكه وهو يقول بمرحٍ :
- انتي محدش يتقارن بيكي يا لمضه يا ام لسان مترين انتي .
قهقهت وهو يدغدغها بخفة ، أصرت علي إزاحة يده عنها لتهدأ نوبة الضحك تلك ، واعتدلت من جديد قائلة بشقاوة :
- الا قولي اتلايمت عليها فين دي يا نمس.
علق "سيف" بإستنكارٍ ولا زال يضحك بهوادة :
- نمس ؟! طب ياستي قولنا معايا في الجامعة.
عبست ملامح "لينا" الطفولية ، عاقدة ذراعيها أمام صدرها ، قائلة بتزمرٍ :
- بتحبها أكتر مني يعني ؟
رفع "سيف" عيناه مصطنعاً التفكير ، وغمغم :