(45)

729 17 2
                                    

مَر الوقت حتي بات الغياب إرتيابي .. لم تعهّد فيها الفرار والإختفاء طِيله سنوات صداقتهن.. فلم تكن أبدا تلك الفتاه ولا تقرب إلي هذا النوع منهن ، فهي علي قدرٍ ممتاز من الإلتزام و التعقل..لذا فغيابها لن يمر هيناً..

ذهبت لتفحص قاعه المحاضرات فتأكد لها غيابها لذا عادت لتقبع في المقهي حيث تركتها ، لعلها تعود ادراجها إليها..

جلس الجميع حول الطاوله البيضاويه في ترقبٍ منتظرين عودتها ، تململت "ريهام" في جلستها ، تهز ساقها بشكلٍ متتالي في توتر تسرب إلي الكل .. من خلالها علي وجه الخصوص ..

- متهدي بقي يا ريهام وترتيني ؟!

قالتها "سهام" بنفاذ صبرٍ ، فإندفعت "ريهام" من فورها بغيظٍ محتدم :

- ما الهانم سايبه تليفونها معايا وغايبه ولا علي بالها . ده حتي المحاضره فاتتها وانا مش عارفه حتي اتصل بيها .

"سهام" ببساطهٍ بارده :

- ما يمكن قاعده مع جماعه صحابها عادي ياريهام متكبريش الموضوع.

رفعت "ريهام" إحدي حاجبيها بإحتجاجٍ ، معارضه :

- جماعه صحابها منين هي تعرف غيرنا اصلا .

صمتت "سهام" ممتنعه عن التدخل أكثر ، تأففت "ريهام" بضيقٍ عاتٍ ، متمتمه :

- دي قالتلي خمس دقايق وراجعه ودلوقتي داخله في تلت ساعات .

تدخل "سامح" بهدوء مطمئن ولا سيما أنه لم يقل قلقاً عنها رغم إخفاء حقيقه شعوره أمامهن..

- طالما مخرجتش بره الجامعه يبقي أمان .

شخصت "ريهام" ببصرها ، وغمغمت بعصبيه ناجمه عن قلقٍ تراكم داخلها عبر الساعات السالفه :

- اما نشوف الهانم فين لغايه دلوقتي !!

_____________________________________________

إرتخت حواسها وهدئت منعزله عن ضجيج العالم في حديقه إكتفت بصمت الطبيعه ، صمتٍ تخلله أحياناً حفيف الأشجار عند إحتكاكه بهواءٍ رطب غمر وجهها .. تاركاً في مجري انفاسها روائح حَملها من رحيق أزهار الياسمين التي رُصعت بها الأشجار كلؤلؤ مُطَرز ..

إستسلمت "ليلي" لنسمه هواءٍ عليله تتسلل إلي جوفها وتنتشلها من واقعها .. وإن كان واقعها هو الأحلام بحد ذاتها..
فهي تجلس فوق العشب الأخضر شاخصه ببصرها في المساحه الغَناء امامها ، تمدد "سيف" خلفها فوق العُشب متكأً علي مرفقه ، تأملها لدقائقٍ بإمعان حتي إعتدل متكأً علي راحته ، و إقترب في غفلهٍ منها ثم حرك أصابعه بخفهٍ جوار أذنها بطرقعهٍ خاطفه ليجتذب إنتباهها ..

إنتبهت "ليلي" ملفته رأسها نحوه ، فقال بنبرهٍ رخيمه :

- مين اللي خد عقلك ؟

كبرياء الحبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن