كعادتة.. غامضاً ، صامتاً.. لم يمنحها إجاباتٍ شافية او تفسيراتٍ واضحة عن وجهتهم .
منذ أن إسترقها خلسة قبل ان تبدي اعتراضاً او رفض حتي وما كانت لترفض دعوة منه .. كانت بسيارته منطلقة معه إلي حيث يريد .
ولعلها إمتعضت قليلاً بادئ الأمر كاظمه أسئلتها الفضولية فهي تعلم ان مجهوداتها سدي وبغير طائل .أرضاها كثيراً إختيارة واثار دهشتها في آن ، تعلم بأنه عاشقاً للمسطحات المائية وخاصتاً الأنهار العذبة.. لذا لم يفاجئها كثيراً إختيارة لموقعٍ اطلّ مباشرة علي النهر الذي بات حالك السواد ليلاً كبساطٍ قاتم ولم يكشف عنه سوي بريق القمر الفضي المتلألأ فوقه ، تحده علي الأطراف اضاءات المدينة الصناعية بمختلف ألوانها الساطعه..
رغم تكدس المكان بأشخاصٍ وأسر آتت بغاية قضاء سهرة مميزة إلا ان الهدوء كان سائداً بقدرٍ مريح ، فوق سورٍ صخري مرتفع عريض فصل بينهما وبين النهر الراقد جلس معها في أكثر الأماكن انعزالاً وهدوءاً نوعاً ما ..
- انا عايزه اعرف إيه اصرارك بعد الشغل إننا نيجي هنا ؟
لم يمنحها كامل إهتمامه ، طفق يتطلع خلفها تارة وإليها تارة أخري منذ أن حضر معها إلي هنا ، في إنتظار قدومٍ خاص لم يثق تماما منه وخشي الإنتظار سدي ، وغمغم ببساطة مشوشاً علي أسئلتها المٌلحه :
- قولت افصلك شويه عن ضغط الشغل والدراسه ده .
"ليلي" موضحة بحزم : اه بس انا مش هينفع اتأخر . انا معرفش جيت معاك ازاي لولا انك خدتني علي غفلة كده وملحقتش لا اصد ولا ارد معاك.
- خليكي كده بقي شوية كمان.
بدي لها مشتتاً بشئ أخر ، عيناه زائغة بلا هدي ، إقتضبت بغرابة متسائلة بينما تدير رأسها للخلف :
- انت مستني حد ؟!
لم تهتدي إلي شئ محدد ، تتطلع بعشوائية محاولة رصد شئ مميز يجتذب إنتباهه ، التفتت اليه من جديد ولازالت ترنو إليه بعدم فهم ..
تمتم "سيف" ماطاً شفاه :
- يعني . حاجه زي كده.
وساد صمتٍ قطعه هو تالياً عندما دس يده بين طية معطفة الأسود ، متذكراً :
- بالمناسبة انتي ليكي معايا حاجه.
راقبت يده الخفية بتوجس ، حتي خرجت قابضة علي قطعة نحاسية صلبة ، بسط راحتة فظهر جرسٍ نحاسي صغير ذا بريق مغبش بعض الشئ ، يتصل بشريطٍ حريري أحمر قصير دل علي بتره من شئ أخر كان الجرس جزءاً منه..
ابتهجت "ليلي" ولازالت تقتطب بعدم فهم :
- ايه دي ؟
رفع "سيف" يدها ، بسطت كفها بآلية فأودع بها الجرس الصغير واطبق اصابعها فوقه ، ظلّ محتوياً يدها وهو يقول متطلعاً اليها ، قائلاً بهوادة :