كشفت الطامة الكبري.. سقطت كلماتها كالصاعقة ، خفق قلبه بوجلٍ وكأنه يّهشَّم بين ضلوعه ، واستجلي الأمر :
- قولتي ايه ؟؟
"فريدة" بإستنكارٍ : صيع علي ديدي ياواد . عايز تعمل نفسك مش عارف عشان تهرب من حسابنا معاك بس حسابك معايا انا بعدين يا سامح . بقي تخبي عني انا حاجه زي دي ؟
تجاوز "سامح" دعابتها ، وتساءل بنبرة معذبه وانقشعت قسماته :
- انتي متأكده من اللي انتي بتقوليه ده ؟ هو اللي قالك ؟
- هي دي محتاجه قواله يا سامح ؟! اول مره يدخل علينا من تلت سنين بيها وماسك إيدها قدامنا و من كلامه وتقديمها لينا عرفنا علي طول ان في بينهم حاجه.
نظرت نحوهم متنهدة بحبٍ وعيناها تنبضان بقلوب الهيام علي نقيض عيناه المتأثره بطبقة متلألأه من الدمع الوشيك ، اراد ان يصك أذنيه بكلتا يداه، لكن الصوت لا يزال يخترق مسامعه ويترنن بعقله..
"فريدة" بسعادة : شكله بيحبها أوي . وهي كمان لطيفه جدااا . حبيتها.
والتفتت إليه زافره بإرتياحٍ ، وقالت :
- الحمد لله يا سامح إحنا كنا فين وبقينا فين . الحمد لله انه نسي سمر وقلبه دق تاني .
اومأ بإنكسارٍ ، مطرق الرأس بخذلانٍ ، لا يعلم هل ينعي حظه العاثر أم يسعد لإبن عمة واخاة ..
ضربتة "فريدة" بخفة فوق منكبيه ، وقالت بمرحٍ :
- إنت هتتساير معايا ياواد ولا ايه ؟ روح انت الحق الأكل قبل ما أخواتك يفترسوه يلا وسيبني اشوف شغلي متعطلنيش.
واستدارت عنه متجهه صوب المطبخ ..
تمزقت روحه إرباً متفرقه.. وكأنها تنزف دون أن تكف عن الأنين .. جر قدماه نحوهم شريداً ، هائما بصدمته التي جردته من زهوه وحلّت عليه الشخوب..
كيف ومتي ؟ كيف له أن يسهو عن علاقتها به ؟ .. كيف أنغمس وتعمق بحبها سابحاً في محيط عشقها إلي أن فاق علي غرقَة ! وصفعة سلّخت جلدة ..جر ساقيه بصعوبة إلي مائدة الطعام ، بدت عليه دلائل البؤس حتي وصل إليه صوت جدتة فأيقظه :
- ده سامح جه كمان.
إنقبض قلب "ساره" ورفعت بصرها علي الفور إليه ، خشت عواقب هذا الصدام.. أحست بمعاناته وإنجرحت لإنكساره..
غضت "ليلي" علي شقتها متذكرة لتوها ميعادها معه .. فغفلتها وإنشغالها مع "سيف" ولا سيما أسرته أعمتها عنه تماماً..
بصعوبة ألمته ، قسر نفسه علي الإبتسام ، وإستدار إليه فارداً ذراعيه فنهض "سيف" بدوره ، عانقة "سامح" بقوة مطبقاً جفنيه بعذابٍ دفين ، وكأنه يوصية بها ، يتنازل عنها لأقرب الأشخاص إلي قلبه .. وأفضلهم..
