رفعت السيده "نيڤين" فنجان القهوه الساخن نحو فمها بهدوء ، ارتشفت القليل ثم وضعت الفنجان فوق صحنه الصغير بيدها المهتزه برجفات خفيفه نجمت عن تقدمها بالعمر
و نظرت نحو "فريدة" علي المقعد المقابل لها ، متساءله :
- أحسن دلوقتي يا فريدة ؟
صدرت عن "فريدة" تنهيدة ثقيله ، واجابت بأسي :
- اهو .. ماشي الحال.
نظرت إليها السيده خائبه ..فاكملت "فريدة" لائمه :
- يعني انا كان لازم اتعب عشان تجيلي ؟
- انتي عارفه مبقتش اقدر اروح ولا اجي زي الاول.
ابتسمت "فريدة" ولازالت معالم الإعياء تحتل قسماتها المريره
- اومال لو مكناش واخدين مكان مخصوص جانبك بالظبط كنتي عملتي ايه ؟!
انحنت "نيڤين" بتمهلٍ كي لا تشعر بهذا الوخز المؤلم بفقرات ظهرها المسنه ..رغم رشاقتها وجسدها اليافع إلا أن أثار العمر من الآم وغيرها بقت تلازمها.
وضعت الفنجان بحرصٍ فوق الطاوله بيدٍ تذبذبت قليلاً وهي ترد في آن :
- حكم السن يا فريدة . خلاص كبرت واقل مجهود بقي بيتعبني.
"فريدة" بإستنكار مازحه ، قالت تداعبها :
- حكم سن ايه ده انتي لسا شباب .
هزت "نيڤين" رأسها بيأسٍ منها وهي تتنهد قائله :
- بكاشه زي ابنك بالظبط .
جمدت قسماتها فجأه وتجهمت عند الإتيان علي سيره "سيف" ، إنفطر قلبها وإن اعتادت علي ذلك طوال فتره غيابه عنها .. ولكن ما باليد حيله ، يخفق قلبها بوخزٍ مؤلم عند تذكره وإن كان غيابه عن ذهنها شئ محال..
شاهدت "نيڤين" إنطفاء بريق عينيها الزرقواتين ، فأسرعت لتغير مسار الموضوع مشوشه علي عبارتها السالفه :
- اومال شريف راح فين ؟
- بيخلص كام حاجه تبع الشغل في اوضه المكتب.
تدخلت وصيفه المنزل والمسؤوله عن إدارته ، وضمت يدها أمامها بإحترام قائله :
- فريدة هانم . الغدا جاهز.
اعطتها "فريدة" إيماءه صغيره فإنصرفت بعدها السيده لتعود ادراجها إلي المطبخ
همت "فريدة" بالنهوض قائله بإنهاك إلي والدة زوجها وشقيقة أمها في آن :
- يلا عشان نتغدا سوي .
- طب مش نستني البنات الاول !
"فريدة" مطمئنه : متخافيش انا هجهز السفره لحد ما يجوا . ساره كلمتني وقالتلي ان معتز هيجي معاها وهيجيبوا لينا من المدرسه كمان فقولت بالمره اعزم ايمن واخليه يجي مع رولا وزمانهم علي وصول.