تهادت علي مقعدِ وثير بعد ان التقطت علبه صغيره خبئتها بخزانتها في زاويه متواريه عن الجميع او بالأخص.. زوجها .
اودعت إحدي الحبات المهدئه بكفها البارد ، فتحت فمها تأهباً لإستقبال المهدئ ، اعترضت يدها يد اخري قبل ان تصل الي فمها ، منعتها بحزمٍ قوي ، انتفض جسد "فريدة" بتفاجؤ والذي لم يكن بحاجه الي تحفيز خارجي لإرجافه.. اذ احتضنه وهنٍ اضعفه ، وعلي حين غره سُحبت العلبه بإصرارٍ من قبضتها .
تطلعت الي زوجها بينما يؤرجح العلبه ويقلبها بكفه ، تصلبت تعابيره واحتدمت نظراته ، ابتلعت "فريده" لعابها بتوترٍ كطفله أمسك بها أبيها في فعلٍ شنيع..- مش قولنا كفايه يا فريده ؟!!
شتت نظراتها الزائغه عنه ، ضغطت علي يدها لتهدئ من حده اضطرابها وقالت :
- انت ايه اللي جابك بدري انهارده ؟
تنهد "شريف" بيأس لا يخلو من العتاب ثم قال بنبره ذات مغزي :
- وحشتيني قولت اجي اقضي اليوم معاكي.
استعادت رابطه جأشها ووجدت ما هرب منها من قوهٍ ونهضت مطالبه بالعلبه ، باسطه كفها امامه :
- طب هات الدوا .
رفع "شريف" العلبه امام عينيها ، واكتسب وجهه تجهماً شديداً ، مندفعاً بصوتٍ جهوري :
- وده بتسميه دوا ؟!! مش وعدتيني مش هتاخدي المهدئات والمخدر والزفت ده تاني ؟!
تجاوزت "فريدة" توبيخه ، وترجته بنبرتها المخمليه الهادئه وقد تخللتها رجفه مرتعشه :
- معلش يا شريف اخر مره.
حاولت سحب العلبه منه عنوه ، سحب يده قبل ان تصل اليها ، حدقها بنظره حاده ، و قال بنبره اكثر خشونه من العاده :
- واخرتها ؟ هتعيشي علي المهدئات ؟ هتفضلي طول حياتك بالشكل ده ومعظم الوقت مش داريه بالدنيا ولا بيا ؟ مش مكفيكي اللي حصلك اخر مره بسببهم ؟
تجمعت دموعها بمقلتيها حتي احرقت جفنيها ، وجدت بعض الخطوط الحمراء طريقها في عينيها الناصعه حتي كادت اطرافها ان تصل الي بؤبؤها الأزرق ، وصاحت بصوت مختنق يتهدج انفعالاً وبكاء مكتوماً :
- عايزيني احس ليه ؟ سيبني غايبه عن الوعي جايز ده يهون عليا غياب ابني.. جايز ده يخدر جسمي وعقلي وميحسسنيش انه مش موجود حتي لو فتره مؤقته .. عايزني احس اني عايشه ازاي وانا ميته من غيره.
انفعل بدوره ، طفح الكيل به و صاح بقساوه اجفلتها وعصبيه اجاشت به :
- طب وانا ؟؟ انا يا فريده انا لسا مموتش !! انا عايش ومن حقي احس بوجودك معايا لكن انتي اضطرتيني اوقف كل حياتي لغياب سيف اللي هو اصلا كان غيابه من اختياره . انا زنبي ايـــه ؟
انزلقت دوعها و تسللت الي جسدها رجفه طفيفه تمكنت منها ، وقالت :
- انت ليه محسسني انه مش ابنك ؟
