لا تنسو التصويت يا قمرات
وقفت نورين في غرفة الحاجة زاهية بوجه منكس بينما تفرك أناملها بقوة حتى كادت أن تطحن مفاصلها من فرط شعورها بالتوتر.. لقد أخبرتها مدبرة المنزل نعمة بأن حماتها تريدها في غرفتها من أجل شيء عاجل.. وها هي تقف هنا بانتظار ما تريد حماتها إخباره لها بتوتر إذ أنه لم يسبق وأن انفردت معها منذ زواجها في مكان واحد.. لذا بدا الحال الآن مثير للارتباك فعلًا..
اتسعت عينا نورين وفغرت شفتيها قليلًا وهي تراها تُخرج من الصندوق عقدًا ذهبيًا من عدة أدوار.. ثم تقترب منها بينما ترفع العقد الذهبي.. فأحنت نورين رأسها قليلًا حتى تُلبسها إياه.. ثم أخفضت نظرها تطالع العقد ببريقه الأخاذ يتدلى منها..
أخذت زاهية تحضر أساور ذهبية وتعود لتلبيس نورين هادرة بصوتها الوقور
((لقد كانت عندي منذ مدة وكنت انتظر الوقت المناسب منذ زواجك حتى أعطيها لكِ))
انشقت ابتسامة من ثغر نورين وهي تحرك يديها مسروقة الأنفاس
((إنها كثيرة.. لن أتحمل أن اسمع الرنين كلما حركت ذراعيّ))
سكنت زاهية تنظر في عيني نورين اللامعتين بالانبهار.. ثم قالت لها بملامح غير مقروءة
((ارتدي حليك الذهبي دائمًا ولا تخلعيه.. مثل ياسمين.. ورتيل.. تعلمي كيف تكونين مثلهن))
لم تتكدر ملامح نورين لمقارنتها بهم بل تجاهلت الأمر وهي تسمع حماتها تكمل
((ستأتي بعض النساء لزيارتي في المجلس بعد قليل.. جهزي ما ستقدمينه لضيافتهم.. ثم اصعدي لجناحك لتتزيني وتتعطري وترتدي أفضل ما عندك من ملابس وتعالي لتقدمي بنفسك الضيافة لهن))
رغم أن نورين قد لاحظت أن نساء القرية تجتمع عند حماتها دائمًا كل مساء يحتسين القهوة ويأكلن المقبلات.. ولا ينقطعن أبدًا عنها.. إلا أنها تطلعت في عينيها باستغراب مغمغمه بتساؤل
((أي نساء؟))
أجابتها بهدوء
((بعض الجارات والصديقات حتى يقدمن لكِ الهدايا والنقوط بناءً على طلبهن.. فأنتِ بالنهاية زوجة ابني منذ ثلاثة أشهر، ولن أستطيع إخفاءك عنهن أكثر من ذلك))
حرّكت نورين حلقها بارتباك إلا أنها سارعت الابتسام وهي تقول طائعة
((حسنًا سأفعل.. عن إذنك))
واستدارت للخلف وقبل أن تفتح مقبض الباب جاءها صوت زاهية متسائلا
((ألا تشعرين بأي شيء مختلف هذه الأيام؟ لقد مر ثلاثة أشهر على زواجك من ابني فهل أنتِ..))
بترت زاهية سؤالها وقد أوصلت معناه لها.. فنكست نورين رأسها تجيبها بخفوت ((لا..))
لف الإحباط صوت زاهية وهي تقول لها بقنوط
أنت تقرأ
قَلْبُكَ مَنـْـفَايَ "مكتملة"
Romanceرفعت نورين وجهها الباكي للمرآة أمامها.. تطالع عينيها المتمردتين وقد سال منهما الكحل الأسود على وجهها ملطخًا خديها الأحمرين بخيوط سوداء.. كل ما فيها كان يرتجف من الخوف وكل ما حولها يسوده الكرب والصمت.. فها هي مرتدية الثوب الذي ستزف فيه إلى ابن عم ال...