الفصل التاسع والثلاثون ج1

10.5K 523 178
                                    

الفصل التاسع والثلاثون

قبل أسبوع.. في ثنايا الليل البهيم..

أنهت نجوم تطريز اسمها الثنائي المتمثل باسمها واسم والدها على الغطاء الناعم أحمر اللون لطفلها القادم وابتسمت بحنو..

بعد أن تنتهي شهور الحمل الثقيلة المؤلمة والمنهكة سيأتي طفلها للدنيا وسواء أكان ذكرا أو أنثى ستعطيه إحدى الأسماء التي اختارتها له وتطرز اسمه بجانب اسمها على هذا الغطاء..

اكتسحها شعور مقيت بأن ابنها سيكون طفل سفاح لا أب ينسب إليه ودون ذنب منه وكل من سيعرفه في المجتمع حوله سيشعر بالنفور..

أسرتها نجوم في نفسها بحرقة قلب وحثت عقلها أن يتذكر وعد أمها بعملها على تسفيرها للخارج بعد إنجابها الطفل حتى تؤمن له مستقبلا أفضل، وهناك لن يحكم عليه أحد لذنب اقترفه أحد أبويه..

لم تكن قد همت بالقيام حتى تشنج جسدها ثم اغرورقت عينيها بالدموع وتسارع ألم اجتاحها كتيار كهربائي بصعقات مفاجئة.. حتى بالكاد تمكنت من الهتاف بكلماتٍ متداعيةٍ منهارة

((خالتي.. خالتي.. أشعر أني سألد.. الآن.. أين أمي؟))

.

.

تململت منال النائمة في سريرها بانزعاج من رنين الهاتف المتصاعد واعتدلت جالسة ترد عليه لكن قبل أن تخرج الكلمات منها فتحت مقلتيها بقوة تسمع صوت بكاء عنيف مكتوم صادر من ابنتها بجانب همس أختها الهلع

((هيا يا منال أسرعي إلى هنا، جاء الطلق ابنتك، قد تلد بأي لحظة))

جحظت عينا منال حتى كادتا تخرجا من محجريها ثم همست والذعر يعتريها

((يا إلهي! يا إلهي! سأتسلل خارج مرفق قصر الحاج حتى لا يراني أحد وآتي عندكم بكل ما يلزم لولادتها، عليها أن تلد في صمت شديد))

أغلقت أخت منال الهاتف وتابعت تمسح بالمنديل حبيبات العرق عن وجه نجوم المحتقن شديد الاحمرار والغارق بالدموع..

ضغطت نجوم على شفتيها بشدةٍ تكتم آهات مغصوبة لكن تأوهت دون إرادة منها عندما فاجأتها ضربات الطلق مجددًا كأنها قنابل تمزق جسدها وتقصم ظهرها فوضعت لها خالتها قطعة قماش في فمها حتى لا يفضح الجيران أمرهم ومن يقطنون في البيت..

عضت نجوم بشراسة فوق قطعة قماش كي تدفن الألم المتزايد والعنيف في جسدها بشكلٍ متسارع جنوني، بدون أن تملأ المكان بصوتٍ هتافها.. حتى أن خالتها أشفقت عليها وهي تراها تكابد وتصابر نفسها في كتم أوجاعها رغم الألم الفظيع الذي تمر به..

حضرت منال وبعد ساعات قلائل بدأت ولادة نجوم التي نجحت أخيرًا في دفع الطفل بآخر قوة أخرجتها وهي تحاول التنفس بإنهاك وعنف حتى خرج المولود لتتلقاه خالتها بيديها..

قَلْبُكَ مَنـْـفَايَ "مكتملة"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن