الفصل الأول
بعد مرور ثلاثة أشهر..
اخترق ضوء الشروق نافذة الغرفة فارِضًا الاستيقاظ على نورين التي فردت ذراعيها لتتيح المجال لقفصها الصدري استنشاق أكبر كم من نسيم الصباح المار من النافذة المفتوحة نسبيًا فوقها وتنعش رئتيها..
اعتدلت جالسة تفرك عينيها الناعستين ثم نظرت بجانبها لتجد نفسها وحيدة فوق السرير.. لابد أنها لم تشعر بمُصعب وهو يستيقظ بعد أذان الفجر بقليل للذهاب إلى عمله فاليوم موعد مناوبته في المشفى..
أجفلها صوت طرقات باب جناحها القوية التي تعلن عن نفاذ صاحبها.. والتي هي بلا شكَّ رتيل فهذا موعدها في معظم صباحات اليوم.. فالاستيقاظ مبكرًا في هذا المنزل ليس خيارًا.. صحيح أنه أمر جيد للصحة.. لكنه ليس بهذه الروعة أيضًا!
سارعت نورين فتح الباب ترد بصوتٍ أجش
((صباح الخير))
رمقتها رتيل الواقفة متخصرة بحنق قبل أن تقول بنبرة عصبية تعلن عن سخطها
((أي خير وقد جعلتني أطرق بابك لعشر دقائق مستمرة.. كل هذا نوم؟ أم تفعلين هذا عامدة متعمدة لجعلي انتظر طويلًا وأمِل فأتركك بحالك؟))
نظرت نورين إلى الساعة الجدارية المعلقة ثم نظرت لرتيل قائلة
((لا أرمي إلى ذلك، أنا فقط أحب النوم في الصباح واستشعر لذة فيه لهذا تأخرت قليلًا))
كلام نورين زاد من امتعاض رتيل وغضبها.. فقالت بنزق وهي تمد يدها وتفردها
((اعطيني مفتاح جناحك، لا أريد أن تغلقي الباب خاصة في الصباح حتى اقتحم المكان وأيقظك أسرع))
طالعتها نورين بشفاه منفرجة ونظرات مشدوهة.. هل تمازحها تلك الواقفة أمامها أم أصابها الجنون! فقالت مستهجنة
((هل أنتِ واعية لما تطلبينه مني؟))
تقدمت رتيل بضع خطوات للداخل وهي تقول بأنظارها الجليدية
((أنا لا امزح، اعطيني المفتاح هيا..))
بترت رتيل كلامها عند مرأى المفتاح الموضوع في فحة مقبض الباب فسحبته فورا لتهتف نورين معترضة
((أنتِ فعلًا مجنونة، أعيدي المفتاح مكانه))
تبسمت رتيل بنفس النظرات الجليدية وأجابتها بنبرةٍ ناعمة مستمتعة
((لا داعي لإغلاق الجناح.. لن يدخله أحد غيري في الصباح لأتأكد من إيقاظك بناءً على أوامر عمتي))
كظمت نورين غيظها وظلت صامتة فهو سلاحها الوحيد أمام تجبر وتسلط رتيل عندما تكون معها.. فهي الكنة المحبوبة هنا وحبيبة حماتها.. رغم أنها إمراه لا مثيل في عنجهيتها.. تحب أن تلقي الأوامر على كل من حولها بلا أي رفق.. ولا يستطيع أحد مجابهتها.. لكن عند عودة مُصعب ستخبره عمّا فعلته وتطلب منه التصرف معها..
أنت تقرأ
قَلْبُكَ مَنـْـفَايَ "مكتملة"
Lãng mạnرفعت نورين وجهها الباكي للمرآة أمامها.. تطالع عينيها المتمردتين وقد سال منهما الكحل الأسود على وجهها ملطخًا خديها الأحمرين بخيوط سوداء.. كل ما فيها كان يرتجف من الخوف وكل ما حولها يسوده الكرب والصمت.. فها هي مرتدية الثوب الذي ستزف فيه إلى ابن عم ال...