رقائق

قلب يعقل

عشان دماغك متلفّش معايا .. ركّز معايا كده من الأول  البوست ده يهمّك
" The Little Brain in the Heart"

مؤخرا .. اكتشفوا ان القلب ليه عقل صغير .. بالبلدي يعني ان القلب كمان بيفكّر ..
كان الاعتقاد الشائع عن القلب - خصوصا عند الماديين – انه عضو من أعضاء الجسم بيضخ الدم وشكرا وكمان بيتأثر بالانفعالات وبيدق أكتر أو أقل حسب مشاعر الخوف والغضب والحب والكره وهكذا .. بس ده طلع غلط ..  القلب معقّد عن الصورة دي بكتير
خليني احكيلك حكاية ..

سنة 1967 كانت أول جراحة زرع قلب ناجحة في جنوب افريقيا عملها البروفيسور "كرستيان برنارد" .. ومن بعدها اتعمل مئات الدراسات على كل حالة زرع قلب ناجحة عشان يدرسوا التغيرات اللي ممكن تحصل لصاحب القلب الجديد بعد عملية النقل من شخص تاني متوفي.. مش هحكي كل الدراسات رغم انها شيقة جدا ومادة خام للروايات والأفلام .. بس هقف عند 4 حالات بس ..

الحالة الأولى : سيدة لطيفة جدا جدا اتزرعلها قلب جديد .. ولاحظوا عليها بعد فترة استخدامها لألفاظ بذيئة جدا وادمانها للكحول بشكل مفرط وكمان متابعة ماتشات الكورة بتعصّب .. ايوة تخمينك صح .. المتبرع بالقلب كان لاعب كرة قدم وكان مدمن كحول ومعروف انه سليط اللسان.

الحالة التانية: محاسب عنده 47 سنة تلقّى قلب من متبرع عنده 18 سنة .. المحاسب اللي عمره ما كان من حبي الموسيقى الكلاسيكية وكان من محبي الجاز فجأة بقي من رواد الأوبرا الكلاسيكية المستمرين وتحديدا عشقه المفاجئ للكمان – أيوة توقعك للمرة التانية انت صح – الشاب المتبرّع كان بيدرس موسيقى كلاسيكية وبيعزف على الكمان .. مش بس كده .. المحاسب لما بدأ يتعلّم عزف الكمان اكتشف ان بقى عنده القدرة على كتابة النوّت الموسيقية الخاصة بالكمان.

الحالة التالتة: طفلة عندها 8 سنين تلقّت قلب من متبرعة عندها 10 سنين .. تمت زراعة القلب بعد ما قتل الأب بنته اللي عندها 10 سنين بعد جرعة عالية من المخدرات ومشهد القتل كان ان أبوها كسر عليها باب أوضتها وطعنها 13 طعنة في بطنها .. لا دا مش فيلم رعب .. الطفلة اللي تلقّت القلب بتحلم بوجه الأب القاتل ووصفت الغرفة والألعاب وشكل الكسر في الباب وبعد التحقق اكتشفوا ان في تطابق بين أحلام الطفلة وبين سجلات جريمة القتل ومسرح الجريمة بدون أي سابق معرفة للطفلة بالمعلومات دي.

الحالة الرابعة: كانت لمتلقي قلب بتجيله أفكار انتحارية بعد نجاح زراعة القلب.. وبالفعل انتحر بعد العملية بـ 3 سنين فلمّا رجعوا لملفات المتبرع الأصلي لقوه مات منتحر بنفس الهيئة والطريقة إللي انتحر بيها المتلقى ولما راجعوا الملف الطبي لقوا تطابق تام للتعبير عن الرغبة في الانتحار والألفاظ وحتى العبارات إللي كانت بتتحكى للمعالج النفسي رغم إن الاتنين ميعرفوش بعض ودكاترتهم مختلفة وبيبعدوا عن بعض تقريبا 800 ميل.

طيب هتقولي كل الكلام ده جميل وشيق بس ايه علاقته بالموضوع ؟
هقولك اصبر عليا ..

بروفيسور "جاري شوارتز " من جامعة اريزونا عمل دراسة بيقول فيها ان كل عضو من أعضاء الجسم ليه ذاكرة مستقلة بالأحداث اللي بتحصل فيه وكأنها بتتسجل جواه .. بيسموها الذاكرة الخلوية أو "cellular memories"  في كل جراحات زراعة الأعضاء مبيحصلش ان الناس اللي بيتنقلها أعضاء بيتكوّن عندها ذكريات وأفكار وأحلام من العدم وأحيانا حياة كاملة موازية غير في جراحات القلب بس .. وده ملوش غير تفسير واحد بس ان القلب بشكل ما شريك في عملية صنع الذكريات وكمان بيفتكر وبيفكّر وكمان بيحس بشكل منفصل وبميكانيزم منفصل عن الميكانيزم اللي المخ بيحس بيه .. وده ضمن نظرية كبيرة اسمها الـ "Feedback Learning memory" ودي بتفسّر المناعة المتراكمة اللي بتكتسبها بعض الأعضاء الداخلية مع الوقت بعد الاصابة بمرض معين أو المرور بمشكلة معينة والذاكرة دي تحديدا عند القلب بشكل مختلف نتيجة لوجود شبكة من الأجهزة العصبية الدقيقة داخل القلب .. بتخليه بشكل ما قادر انه يفكّر

وده خلّى بعض العلماء يعيدوا تعريف العقل .. “Mind” 
العلماء عملوا نظرية جديدة بتقول ان العقل هو شيء مشترك بين المخ والقلب بيعبّر عن الوعي أو الذات .. كان زمان بيعتقدوا ان المخ هو العضو الأوحد اللي بيُدار تحت سيطرة العقل – كانوا بيشبهوا العقل انه شخص بيسكن المخ وبيديره كأنه Control Room  أو غرفة تحكّم " وبيبعت رسايل واوامر من المخ للجسم كله حتى القلب .. ولكن مؤخرا .. نظرية ان القلب هو كمان بيدار تحت تأثير العقل بقت أوقع وأكثر منطقية خصوصا بعد مئات الوقائع الشبيهة بالـ 3 حكايات اللي فوق دول وبكده يبقى الرسايل إللي جاية من المخ للقلب بتمشي في اتجاهين رايح جاي مش من المخ بس . وبكده بقى العقل كأنه شخص بيشتغل من غرفتين مفتوحين على بعض مش من غرفة واحدة .. غرفة القلب وغرفة العقل. 

اللي اكتشف الشبكة العصبية الدقيقة جوا القلب دي اسمه بروفيسور " أندرو أرمور " وسماها الجهاز العصبي المعقّد للقلب " complex nervous system " اللي من دقّته وتعقيده بيحتوي على 40 ألف ناقل عصبي حساس وكمان بروفيسور اندرو اثبت ان الشبكة العصبية المعقدة اللي جوا القلب دي متوصّلة بالمخ .. يعني هو أثبت ان القلب والمخ على تواصل فعلا وده اللي معظمنا بيحسه وكانت كل الأساطير في ميثولوجية القديمة بتحكيه بس العلم مكنش قادر يثبته .. وكل ده اتنشر في ورقة بحثية لدكتور اندرو أرمور سمّاها "Little Brain in the Heart”  .

ملخص الكلام ده كله لو توهت مني..
لما ماما تقولك "قلبي بيقوللي كذا " متضحكيش ولا تتريقي عليها .. القلب بيقول فعلا وبيقول كلام كتير كمان .. القلب بيحس بشكل منفصل – جزئيا – وبيفكّر بشكل منفصل – جزئيا – وبينفعل بشكل منفصل – جزئيا – وده بتحس بيه بشكل واضح لما تقول لنفسك أنا مش مرتاح لشخص معين أو مش مرتاح لموضوع معين أو حتى لمكان معين قلبك بينقبض جواه .. حتى لو مفيش منطق أو معلومات كافية للعقل عشان ياخد موقف .. الشعور بالارتياح نفسه ده وراه القلب بشكل أولي .. وده بيفسّر كمان التصرّفات العبيطة والهبلة اللي بتحصل بين 2 بيحبوا بعض لأن وقتها العقل بيسيب أوضة المخ ويروح يقعد ويربّع ويفرش كمان في أوضة القلب.

ومقدرش طبعا أعدّي حاجة زي دي غير لما أقول ان ربنا قال في كتابه من 1400 سنة .. " أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور" سورة الحج

القرآن سبق نظرية " the little brain in the heart  " لما قال "فتكون لهم قلوب يعقلون بها " وكمان " إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور" ..
ونظرية الذاكرة الخلوبة للأعضاء في قوله  ( يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون )..
صدق الله العظيم ..
المصادر في التعليقات..