هل تعلم لماذا يعتني كثير من الناس بصلاة التراويح أكثر من اعتنائهم بالفرائض على الرغم من فساد ذلك؟!
هذا له أسباب كثيرة، لكن من أهم هذه الأسباب هو موسمية التراويح، بخلاف الفرائض التي تتحول عند كثير منا - إلا من رحم الله - إلى عادة لا روح فيها ..
هذا يشبه إلى حد كبير فرح الصغار آخر الشتاء بخروج الملابس الصيفية، ثم فرحهم آخر الصيف بخروج الملابس الشتوية، ثم لا يلبثون أن يملوا من كليهما!
ويشبه أيضًا تلك الحيوية التي تشعر بها عند انتقالك من وظيفة إلى أخرى، أو من كتاب درست أول خمس صفحات منه إلى كتاب جديد، أو في بدء السنة الدراسية الجديدة، ثم بعد ذلك تكتشف أن الممل ليست الوظيفة السابقة أو الكتاب السابق كما توهمت، ولكنها شدة غربال الانتقال فقط!
أحيانًا نكتشف هذا في نهاية عمرٍ مملوء بالانتقالات التي لم نحصل فيها شيئًا!
المهم!
كذلك الحال بالنسبة لرمضان!
لو تركت رمضان - على قصره - يتحول إلى عادة وروتين ستخفت هذه الشعلة التي شعرت بها في الساعات الأولى ..
اجعل كل يومٍ من رمضان موسمًا جديدًا بقدر المستطاع ..
ومن الأسباب المعينة على ذلك ..- ألا تترك الأمور للظروف، بل ابدأ اليوم بعزم على ما ستفعله في ذلك اليوم، سأقرأ كذا من القرآن، سأفعل كذا من أبواب الخير، سأركز على كذا أثناء الصلاة، سأجتهد في الدعاء في ذلك الباب! .. وهكذا
- نحن نلج إلى رمضان ببذرة أماني عظيمة لكنها تجف وتذبل لأنا لم نسقها بالتعاهد ..
- نوّع في أبواب الخيرات، واجعل بابًا جديدًأ لكل يوم، الصدقة، صلة الرحم، زيارة مريض، إطعام الطعام، إدخال السرور، أبواب كثيرة ..
- لا أمازحك، ولا تعتبرها درسًا من دروس التنمية البشرية، اجعل لكل يومٍ عنوانًا إن استطعت.
- هيئ نفسك للعبادة، لا تدعها تنتقل من فعل الوعي إلى فعل اللاوعي، اجعل وقتًا مخصصًا للدعاء والمناجاة، لا تكتف بهمهمات المغرب، بل إن شئت حضّر ما ستدخل به على رب العالمين سبحانه وتعالى.
- تأمل ما ستصلي به في التراويح ولو في دقائق، انظر نظرة، اجتهد في أن تُعمل عقلك في التفاعل مع الآيات، في إجراء حوار معها، في الانفعال معها بالدعاء والتسبيح والتعوذ ..
- كذلك في وردك من القراءة ..
- نوّع في العبادة نفسها، من التجارب التي أثرت في نفسي جدًا في أحد الرمضانات أني جعلت أركز كل مدة على عمل من أعمال القلوب، فأركز في ليلة على عبودية الخوف، وأتفكر في قوة الله وعظمته وغضبه، وفي النار، وأكثر في الدعاء من التعوذ، ثم في ليلة على الرجاء والتفكر في الجنة ونعيمها، والإكثار من سؤالها وسؤال نعيمها، وفي ليلة على حب الله، والتفكر في أسباب حبه، والإكثار من الدعاء بالحب والأنس ..
- أسأل الله حياة القلب بعد موته!
- ويمكن كذلك أن تنوع بين طول القراءة، أو طول السجود، أو طول الركوع، من ليلة لأخرى.
- حديث النفس ..
- من الأمور التي أفسدتها علينا حياة الزحام - خاصة الزحام الإليكتروني - موت حديث النفس، فالإنسان ينهمك في شيء ثم لو أخذ استراحة فإنما يقضيها في متابعة الفيسبوك أو اليوتيوب أو غير ذلك، زحام كثير لا يجد معه الإنسان فرصة للكلام مع نفسه، التفكر في حالها، عتابها، تشجيعها ..
- وكان بعض السلف يضع يده على الفراش فيتحسسه ثم يقول : ما ألينك! ولكن فراش الجنة ألين منك، ثم يقوم إلى صلاته.
- وكان أبو مسلم الخولاني رحمه الله يصلي من الليل فإذا أصابه فتور أو كسل قال لنفسه: أيظن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن يسبقونا عليه ، والله لأزاحمنهم عليه ، حتى يعلموا أنهم خلفوا بعدهم رجالا، ثم يصلي إلى الفجر.
- ومما قرأت لبعض السلف أنه كان يشمر ذراعه أول الليل ويقول لنفسه: ليرين الله ما نصنع هذه الليلة، أو شيء كهذا، فكان لكلامه أثر في نفسي، وكنت أردده إذا شعرت بالفتور في رمضان، وأحدث نفسي بأشباهه طويلًا كالمجذوب، وكان ذلك نافعًا.
- وهذا يجرنا إلى ضرورة القراءة في أخبار السلف في هذه الأبواب.
- وينصح في ذلك بكتب الترتيب الموضوعي للسير، وأحبها إلى قلبي (تحفة العلماء) لشيخنا الشيخ أحمد سليمان، ومنها (نزهة الفضلاء) للشريف، و(التهذيب الموضوعي للحلية)، (حياة السلف) للطيار.
- أخيرًا، وبمناسبة الزحام الإليكتروني، فمن مقاصد الصيام الانقطاع عما يشغل القلب عن الله وتدبر كتابه واستشعار معاني العبادة، فمن علم ذلك اجتهد كثيرًا في الصيام الإليكتروني ما استطاع، فانقطع عن كل أبواب ذلك تمامًا ولو مدة معينة كالصيام، وجاهد نفسك في ذلك جهادًا شديدًا، ثم خصص وقتًا محددًا للاستخدام المعتدل.
- هذا لن يوفر لك الوقت فقط ..
- الأهم أنه سيوفر لك كثيرًا من طاقة القلب التي تحتاجها كثيرًا هذه الأيام، وقد تحتار ما الذي ضيّعها، والواقع أن أكثرها - ولا أبالغ - تتسرب على صفحات ذلك الأزرق أو هذا الأحمر أو ذانك السماوي وغيرها من الألوان التي بُلينا بها!
أنت تقرأ
رقائق
غير روائيمقولات، حكم، خواطر، نصائح، عادات، عبادات، علوم .. الخ كل شيئ اعجبني لم تكتبه يدي بل رأيته أضعه هنا فالشكر لقائلها/لقائلتها 💜