الرجال

0 0 0
                                    

والرجال بحاجة لمن يجبر خاطرهم أيضاً !
د. إياد قنيبي
قال لي أحد الفضلاء: "ألا تلاحظ أن المرأة صار لها المركزية في العناوين والاهتمام حتى في خطاب الدعاة المصلحين؟ يركزون على الظلم الذي يقع على المرأة وتبرئة الشريعة منه، حتى يُشعروها بإنصاف الإسلام لها وينقذوها من براثن النسوية.
هذا في الوقت الذي يركز فيه الخطاب الإعلامي والأنظمة على "مظلومية المرأة" وتحريضها على الرجل...
ألا يجب أن نخشى على الرجال أيضاً وهم يشعرون بهذا التهميش ثم ينظرون إلى الخطاب الشرعي فيشعرون بأنه أيضاً لا ينصفهم؟!
أخشى أن نحتاج بعد فترة ربما لا تطول إلى إقناع الرجال بمحاسن الشريعة وأن الشريعة أنصفتهم ولم تظلمهم، حتى ننقذهم من براثن الذكورية، والتي يلهبها ما يقع عليهم من ظلم أيضاً"
وأقول: صدَق ! فالرجال بحاجة إلى من يجبر خواطرهم أيضاً ويربت على أكتافهم..
يعرف المتابعون أنني أحاول إنصاف المرأة بخطاب شرعي متوازن، لا يروق لمتعصبي النسوية ولا لمتعصبي الذكورية، لكنه بفضل الله ردَّ إلى كثير من الأخوات اعتزازهن بدينهن وإلى أُسَرٍ استقرارها.
فما سأقوله هنا ليس كلاماً منحازاً لـ"فريق" دون الآخر.
إنما أقول: أعرف حالات ليست بالقليلة من رجال وقع عليهم ظلم حقيقي من زوجاتهن اللواتي لم يعرفن ما لهن وما عليهن، وعرفت ذلك من سماعي من الطرفين..
وأعرف حالات من رجال كانوا في الجملة محسنين، لكن نزغ الشيطان بين أحدهم وزوجته، وتجور الزوجة في الخصومة، ثم إذا بالرجل يرى نفسه بعد سنين طويلة من الزواج والإحسان والإنفاق والذكريات والكدِّ والتعب وتحمل الديون لأجل أسرته يُزج به في السجن من شكوى زوجته بالباطل عليه في مجتمع وقضاء لا تحكمه الشريعة، ليجتمع عليه هَمُّ الدَّين، والمرض الذي للمشاكل الزوجية فيه دور، والحسرة من رؤية أولاده لما يحصل بالأسرة، والقهر من الظلم الذي وقع عليه من أقرب المقربين إليه !
أعرف رجالاً اتصلوا بي يبكون من القهر...وما أصعب قهر الرجال الذي استعاذ منه نبينا ﷺ !
هذه المظالم قد تولِّد قريباً نزعة ذكورية تظلمية متمردة على الشريعة على اعتبار أن الشريعة لم تنصفها تماماً كما حصل مع النسوية.
نحن في مجتمعات لا تحتكم أفراداً ولا متسلطين إلى الشريعة إلا من رحم ربي...فلا عجب أن يقع الظلم على الرجال والنساء معاً، خاصة وأن أعداء الأمة وأذنابهم يستغلون ظلم بعض الرجال ليحرضوا المرأة على ظلم في المقابل ! ليفتتوا الأسرة ويهدموا الحصن الأهم.
في هذه الظروف، نحتاج ان يكون خطابنا الشرعي متوازناً، أن يخرج متوازناً ابتداءً، لا أن نميل لطرف، فيغضب الآخر، فنأتي لنرقع باسترضاء الغضبان كمن فيه شركاء متشاكسون !
نحتاج أن نتذكر جميعاً، مسلمين ومسلمات، أننا أسلمنا لحكَمٍ عدلٍ قد أعطى كل ذي حق حقه، وألا نكون كفريقين متأهبين متخاصمين عدوين في حلبة مصارعة، الحكم فيها ذئاب بشرية جاءت مُظهرةً إنصاف المرأة والانتصار لها وهي في الحقيقة لا تريد برجال الأمة ولا نسائها خيراً !
نحتاج أن نؤمن بعمق بقول الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا)..فأمر الله ورسوله على رؤوسنا وأعيننا جميعا رجالاً ونساء...
نحتاج أن نتذكر جميعاً قول ربنا الحكَم العدل: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض)..أولياء، متناصرون كالبنيان يشد بعضه بعضاً، يدٌ واحدةٌ على العدو الخارجي وأذنابه.
نحتاج أن يكون عنواننا أُسَراً ومجتمعات: هنا أُمَّة الإسلام، نحل مشاكلنا فيما بيننا بشريعة الله الذي رضينا به ربَّاً، وممنوع دخول الكلاب !
(وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون).

رقائق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن