٢٦

24K 304 5
                                    

عاد ماكس من القرية .. اشترى ما يبتغيه .. طعام وأعشاب لعلاج الأميرة ..
كان من المفترض ان ينتظر الليل ليذهب للقرية، ولكنه لم يستطع الانتظار ..
عندما استيقظ في الصباح كان ذراعا الأميرة لا يزالا يحتضنانه .. حينها تذكر الليلة الفائتة .. تذكر نفسه وهو يبكي .. هو القائد الكبير وخبير المعارك يذرف الدموع .. والأكثر يذرف الدموع أمام الأميرة .. ولم يهدأ سوى بعد أن احتضنته ..
ماذا ظنت فيه؟ .. هل استهانت به في داخلها؟ .. هل خافت لأن من يحميها الان طفل صغير يبكي؟ .. أي قائد هذا هو الذي لا يستطيع السيطرة على مشاعره؟ .. كيف يستطيع قيادة جنوده في الحرب والانتصار؟ .. بالتأكيد سيُهزَم في أصغر معركة ..
هل ستنقل الأميرة هذه المعلومة لمملكتها؟ .. هل ستقول لهم ان واحد من أهم قادة الملك بلغ من الضعف حتى انه يبكي أمام امرأة؟
ولكن لحظة .. هو لم يعد من قادة الملك .. بل لم يعد هناك ملك أصلا .. على الأقل بالنسبة له ..
إذا ماذا ستخبرهم الأميرة؟ .. قائد سابق يبكي؟ .. المتهم بقتل الملك يبكي؟ .. لا يهم .. الأمر يشينه هو الآن وليس مملكته .. فلتخبرهم ما تريد ..
مهلا .. الأميرة ستعود إلى مملكتها بالتأكيد .. ستعود إلى قصرها وإلى زوجها .. آجلا أو عاجلآ ستذهب .. على الأقل هي عندها مكان تذهب له، أما هو فسيظل حبيس الكوخ وحبيس الوحدة إلى الأبد ..

انشغل في افكاره حتى انه تفاجأ باختلاف شكل الكوخ من الخارج والمنطقة المحيطة به .. استبد به القلق .. أخذت الأسئلة تتابع في عقله .. ماذا حدث؟ .. هل عرف أحد مكانهم؟ .. هل قبضوا على الأميرة؟ .. هل هم يراقبونه الآن وهو يخطو بقدميه داخل الفخ؟ ..
نظر حوله فوجد فرع شجرة على الأرض .. التقطه .. سيفعل ما بوسعه لإنقاذ الأميرة .. ليس هو من يهرب .. سيقاتل حتى لو كان هذا آخر ما يفعله ..
يجد باب الكوخ ينفتح فيتأهب .. ولكنه يجد الأميرة خارجة بشعر مشعث ووجه مجهد وفي يديها كومة من التراب وأوراق الشجر وروث الجواد..
تلمحه فتبتسم وتقول: جوادك يترك تحته كثير من الهدايا..
يبتسم لابتسامتها ويقول لها: وجدت المكان مختلفا فظننت أن مكروها قد حدث..

قالت: لم أجد ما أفعله فقلت لنفسي لم لا أحاول تنظيف ما حولنا قليلا .. في النهاية أنا لا أعرف كم سنظل هنا..

صدمته جملتها قليلا .. شعر انها سؤال غير مباشر منها .. هو أيضا لا يعرف كم سيظلا هنا .. في الواقع لا يوجد ما يمنعها من العودة لمملكتها الآن ..

نظر لها وابتلع ريقه وقال: سيدتي .. يمكنني أن آخذك لأقرب نقطة لحدود مملكتكم .. أنت لست أسيرة الآن .. يمكننا الذهاب الليلة إن أردتي ..

تجمدت لثانية ثم قالت: أظن أن الوضع لا يزال خطيرا .. أليس كذلك؟ .. أعني أن جنود مملكتك يبحثون عنا، وجنود مملكتي بالتأكيد يبحثون عني .. ألا تظن أنه من الأفضل أن ننتظر بضعة أيام قبل أن نتحرك؟

ابتلع ريقه مرة أخرى وقال: بالتأكيد .. هذا سيكون أفضل .. كثيرا .. إن كنتِ لا تمانعين..

مطت شفتيها وقالت: لا .. لا أمانع .. الأمان هو ما يهم بالفعل ..
ثم ألقت الكومة التي تحملها في أبعد مكان ممكن، ثم عادت وقالت له: سأذهب الآن لأستحم .. لن أتأخر..

قال: ولكن .. يا سيدتي .. النهر مكان خطر .. أي شخص على الضفتين يمكن أن يشاهدك .. أقصد أن يراك ويخبر من يقتفون آثارنا ..

مطت شفتيها مرة أخرى وقالت: ماذا تقترح؟ .. هل سأظل باقي حياتي بهذه الأوساخ على شعري وملابسي؟

سكت قليلا ثم قال: حسنا .. على الأقل يمكننا .. يمكنك الذهاب بعد الغروب .. الأمر أقل خطورة في الليل ..
ثم أردف: دعينا نتناول الغذاء الآن .. ألست جائعة؟
أومأت برأسها إيجابا، فأخرج بعض الخبز والجبن وجلسا ليأكلا..
تقول: الخبز طازج..
يهز كتفيه ويقول: نعم .. إنه من القرية القريبة..
قالت له: المرة القادمة خذني معك، أريد أن أحضر ملابس حقيقية، فبالتأكيد شكلي يثير الضحك في ملابس الرجال هذه ..

ابتسم وقال: لا تقلقي لازلت جميلة كما...
ثم انتبه ان ما يقوله لا يصح .. فقال: معذرة يا سيدتي .. ولكن ذهابنا معا للقرية سيثير التساؤلات .. بالنسبة لهم أنا مجرد تاجر مسافر .. التجار العابرون لا يصطحبون أحد معهم ..
قالت وهي تحاول إخفاء ابتسامتها: حسنا .. لم لا اقول لك ما احتاجه وتحضره لي؟
قال: معذرة مرة أخرى .. فشراء رجل لملابس نسائية سيثير الشبهات والشكوك أكثر.. إن كان يشتريهم لامرأة فأين هي وما علاقتها به .. وإن كان يشتريهم ليرتديهم هو، إذاً سيتوجب عليهم طرد هذا المخبول من القرية..
لم تحاول اخفاء ابتسامتها هذه المرة .. قالت: حسنا .. منطقك سليم للأسف .. ولكن عليك ألا تسخر من ملابسي طالما نحن هنا..

ابتسم هو وقال: بالتأكيد يا سيدتي..

انتهيا من الغداء .. دعته ليلقي نظرة على الكوخ من الداخل .. دخل وأسعده ما رآه .. لم يكن كوخا مختلفا ولكن جهودها كانت واضحة .. لا أتربة متكومة .. لا روث .. الرائحة أكثر احتمالا .. الغطاء مطوي في الجانب .. وضعت بعض أوراق الأشجار الكبيرة والأحجار لسد فتحات الجدران التي يتسرب منها الهواء في الليل ..
نظر لها مبتسما وقال: تحياتي أيتها الأميرة..
ابتسمت هي أيضا وقالت: لازالت هناك بعض الأشياء لعملها .. ولكن .. ربما في الأيام القادمة..
ثم أضافت: علئ الأقل هل يمكنك أن تساعدني في فتح النافذة؟
كانت النافذة محشورة نتيجة إغلاقها لسنوات .. ولكنه حاول، وحاولت هي معه .. حتى نجحا في النهاية .. دخلت الشمس الكوخ وأنارته للمرة الأولى منذ سنوات عديدة .. ذكره هذا بشيء ولكنه آثر أن يتجاهله ..

قالت: نحتاج لبعض فروع الأشجار لسد الثقوب الكبيرة أيضا ..
انتبه انه لا يزال يمسك بفرع الشجرة في يده منذ أن ظن أنه سيحارب به .. أعطاه لها ثم خرج ليبحث عن فروع أخرى ..
بعد وقت عاد وفي يده كومة من الفروع .. تعاونا في تشذيبها وحشرها في المسافات الخالية بين جدران الكوخ ..
عند وقت الغروب كانا قد انتهيا تقريبا .. نظرا للكوخ سويا في فخر .. على الأقل لن يرتجفا من البرد بعد ذلك..
قالت: حسنا .. أعتقد أن الوقت الآن مناسب للاستحمام .. أليس كذلك؟
تردد قليلا وقال: ولكن .. حسنا .. إن كنتِ مصرة يا سيدتي فاسمحي لي بالمجيء لحراستك .. أعدك ألا أنظر ناحيتك، ولكني فقط سأكون موجودا بجوارك إن حدث شيء..

ازدردت لعابها وقالت: حسنا .. أشكرك .. بالتأكيد .. بالتأكيد سأشعر بأمان أكثر وأنت هناك ..

قال: هيا بنا إذا ..

الأسيرة 🔞 {مليون ونصف مشاهدة}حيث تعيش القصص. اكتشف الآن