٦٣

22.7K 255 2
                                    

ماكس وڤاليري يعودان لكوخهما بما جمعاه طوال النهار، يضعاه بجانب حصاد الأمس .. الكمية كبيرة وتبشر بمال وفير ..

ماكس يضع البقول علئ النار كعادته .. بعد قليل يناول ڤاليري حصتها ويبدأ في تناول حصته .. يسمع صوت ڤاليري فينظر لها مستفهما ..

تبتسم وتقول له: يبدو أنك في عالم آخر..

يقول: لماذا؟

تتسع ابتسامتها وتقول: البقول لاتزال باردة .. في الحقيقة أنت اليوم شارد على غير العادة.. ماذا بك؟!

أخذ منها بقولها ليكمل تسخينها، ثم قال: لا شيء..
النار تلسع يده فيبعدها بحركة آلية فيندلق الطعام علئ الأرض .. يلقي القدر في غضب ثم ينهض ويغادر الكوخ ..
يسير في الغابة على غير هدى .. لولا ضوء القمر لتخبط في ألف شجرة وتعثر في ألف عائق ..
الافكار تتصارع في ذهنه .. ما فائدة كل ما يفعلونه؟ .. جمع الثمار .. كسب الاموال .. وحتى أكل الطعام .. كل هذا مؤقت .. بضعة أيام أخرى ويعود كل شيء لسابق عهده .. هي تعود الأميرة .. وهو يعود الهارب المشرد .. ربما تحكي لأحفادها ما حدث بينهما كذكرى طريفة وهي على فراش الموت..
انقبض قلبه أكثر عند ذكر الموت .. في الحقيقة هو لم يتعاف بعد من موت إيڤا .. لا يمكن حتى أن يتخيل ان يحدث نفس الشيء لڤاليري .. حتى ولو بعد مائة سنة ..
كان يتمنى لو كان هناك ما يمكن أن يفعله ليحارب الموت .. ليقتله .. ليمنعه من قنص أحبابه ..
ولكن .. لمَ يهتم بما يحدث لڤاليري؟ .. انها مجرد بضعة أيام .. بضعة أيام فقط ويفترقان .. يعودان غريبين .. يصيران إثنين مرة أخرى .. ويكون وحيدا ..
في هذه المرة سيصبح وحيدا تماما .. لا مناصب ولا مسئوليات ولا معارك ستلهيه عن الثقب الذي في قلبه .. ستتركه ڤاليري وحيدا مع هذا الثقب .. ثقب داكن سيبتلع حياته .. ثقب سيمزقه من الداخل كل يوم وكل لحظة .. شخص وحيد بدون أي دفاعات أمام أفكاره الخاصة .. ستكون هزيمته مؤكدِة ..

يد توضع على كتفه فيجفل .. ينظر للخلف في سرعة فيجد ڤاليري بوجه ممتقع..
يسألها: ماذا حدث؟ .. هل أنتِ بخير؟

تقول: أنا بخير .. ولكن أنت الذي لست بخير .. ماكس .. ماذا هناك؟

يشيح بوجهه ويقول: لا شيء .. سآتي وأضع بعض البقول الأخرى لكِ.

ترفع حاجبيها في دهشة وتقول: ماكس .. ليذهب الطعام إلى الجحيم .. ماذا يحدث؟ .. هل قلت او فعلت شيء ما أحزنك؟

رفع اصابعه بحركة تلقائية ليربت على وجنتها، ثم تراجع في منتصف الطريق .. حاول أن يبعد عيناه مرة أخرى عن عيناها المثبتتين عليه .. قال: بالتأكيد لا .. أنا .. أنا فقط أردت الاختلاء بنفسي..

لم يفتها حركة يده .. فأمسكت هي بها ووضعتها على وجنتها .. قالت: ماكس .. لم أعتد منك الكذب .. او على الاقل اخفاء الحقيقة .. ماكس .. إنها أنا .. يمكنك أن تقول لي أي شيء ..

نظر لها قليلا وازنا الأمر في عقله، ثم زفر في قوة وقال: ڤاليري .. ما الذي نفعله؟ .. ما نفع كل هذا؟ .. هل تستطيعين أن تقولي لي ماذا سيحدث بعدما نكسب المزيد من الأموال؟ .. سنشتري طعاما وربما ملابس أيضا .. وبعد؟ .. آجلا او عاجلا سنفترق .. ستعودين لقصرك .. سيذهب كل منا في اتجاه .. لا حاجة لك بي بعد الان .. جروحك التأمت ووجودك معي في حد ذاته يضاعف الخطر على كلينا .. جنود المملكتين يطاردوننا، ووقوعنا في قبضة أي منهم لن ينتهي أبدا على خير .. لماذا نحن معا إذا؟! .. وحتى متى؟!

ظلت ڤاليري تنظر له للحظات .. لم تقل شيئا .. فصط اقتربت واحتضنته بأقوى ما استطاعت ..

بعد قليل نظرت في عينه وقالت: ماكس .. لا أعرف .. حقا لا أعرف .. ليس عندي إجابة لكل هذه الأسئلة .. ربما لأني لم أفكر كثيرا بما هو قادم مثلك .. لا أعرف .. أنا أحب وجودي معك .. لا أريد شيئا اخر الآن ..

سقطت دمعة من عينها وأردفت: ماكس .. لقد قضينا أسبوعين سويا .. هما أفضل أسبوعان في حياتي .. لست أعرف حتى متى سنستطيع أن نستمر .. لكن .. دعنا لا نفكر في مستقبل لا نعرفه ولا نستطيع التحكم به .. أنا أريد أن أتمتع بوجودي بجانبك الآن .. على الأقل دعنا نؤجل التفكير فيما يحدث حتى الغد بعدما نعود من السوق .. هل يمكنك عمل ذلك؟ .. من أجلي؟

مسح دمعتها بأصابعه وقال في حنان مختلط بالأسف: بالتأكيد .. أنا آسف .. أعتذر لك عن تفكيري بهذا الشكل ..

ابتسمت وقالت: لا .. هذا الاعتذار لا يصلح .. ولكنك يمكنك الاعتذار بطريقة أخرى ..
ثم أمسكت بكفه وسحبته وراءها ..

رفع حاجبيه في دهشة وقال: إلى أين نذهب؟

قالت: ألن تكف عن تلك الأسئلة؟! .. إلى النهر بالطبع ..

الأسيرة 🔞 {مليون ونصف مشاهدة}حيث تعيش القصص. اكتشف الآن