٥٥

24K 267 11
                                    

دخل الكوخ بعد قليل .. كانت في استلقائها تلك الليلة أجمل من كل مرة فاتت .. اختفت آثار الجروح كلها تقريبا .. لم يبق سوى بعض العلامات الحمراء .. ظهرت روعة جسدها أكثر وأكثر .. تجذبه منحنياته التي تثير الرغبة .. عروسة بحر ترقد على بطنها في انتظار البحار العاشق ..

يضع أصابعه بالمرهم فترتعش .. تقول له: ماكس .. يدك بارة للغاية اليوم ..

كاد يقول لها أن الدم هرب من أطرافه لأنه اتجه لموضع آخر .. ولكنه بالطبع لم يقل .. عليه أن يظهر لها كل الاحترام .. ليس فقط لكونها أميرة .. وليس فقط لأنها أمانة في عنقه حتى يوصلها سالمة لوطنها .. بل ولأجل ما فعلته من أجله .. لأجل انتشالها له من حفرة الألم والعذاب النفسي .. بسببها استطاع عقله التنفس مرة أخرى .. هل يجازيها عن هذا باشتهائها؟! .. هذا لا يصح ولا يجب ..

وضع يده قليلا بقرب النا حتى أصبحت أكثر دفئا .. يمر بالمرهم على ظهرها الناعم .. تقول له: ماكس .. ألم تفكر في أم تكون طبيبا؟

يبتسم ويقول: في الحقيقة لم أكن عاطلا عن العمل من قبل لأفكر في هذا ..

تقول: أقول فقط أنك صنعت وصفتان متقنتان من الذاكرة، والنتائج كانت جيدة للغاية..

يدور بالمرهم على مؤخرتها .. يقول: كان حظاً لا أكثر ..

تضحك ثم تلتفت له وترفع أحد حاجبيها وتقول: أيها المتواضع!

حركتها كشفت جزء جديدا من ثديها .. ثديها المتماسك .. ثديها الذي يجب ألا يفكر به .. خصوصا الان ..

يقول مازحا: إذا عملت كطبيب فسأحتاج لمساعد لينقش أسامي المرضى على زجاجات الأدوية ..

تتسع ابتسامتها لتظهر أسنانها اللؤلؤية وتقول: وإذا وافق المساعد، كم ستعطيه أجرا؟

تأمل عينيها وقال: ماذا عن كل شيء؟

احمرت وجنتاها .. سألت في لهجة خافتة: حقا؟!

انتبه لما قاله .. كيف ترك لسانه ينزلق هكذا؟! .. كيف سيجيبها الآن؟ ..

حول نظره إلى رجليها التي كاد ينتهي منها ثم قال: اعتقد أننا انتهينا هنا ..

نهض واعطاها ظهره وهو يكمل: لا اعتقد ان المرهم قادر على عمل ما هو أكثر .. الجلد عاد لطبيعته بنسبة كبيرة .. يمكننا أن نذهب غدا .. إن أردتِ ..

يسمع صوتها تصيح من خلفه: ماذا تقول؟

يجيب دون أن يدير وجهه: أقصد أنك لست مضطرة أن تبقي معي أكثر من هذا .. يمكنك أن تعودي لوطنك .. ولزوجك .. جسدك أصبح سليما بنسبة كبيرة، ويمكنك أخذ باقي المرهم معك للاحتياط ..

تصيح بنبرة أعلى: جسدي أصبح سليما؟! .. هذا كل ما تهتم به؟! .. هل تظن أنني هنا حتى الآن بسبب هذا المرهم السخيف فقط؟! ..

يقول بصوت حاول أن يجعله هادئا بقدر امكانه: يا سيدتي إن....

تقاطعه بصوت أعلى: تقول سيدتي؟! .. مرة أخرى؟! .. بعد كل ما.. حسنا .. حسنا .. لنذهب غدا .. لا يهمني أي شيء .. في الواقع .. سأذهب الآن ..
يشعر بحركتها واهتزاز الظلال خلفه، فيرتفع حاجباه من الدهشة ويقول: ماذا تفعلين؟

تقول: لا شيء .. أرتدي ملابسي وأرحل من هنا .. لن أبقئ لحظة في مكان أكون فيه مجرد حمل ثقيل ..

يقول في سرعة: ولكن يا سيدت...

تصرخ: بحق الجحيم .. توقف .. انتهى الأمر ..

يسمع صوت باب الكوخ يُفتح فيلتفت في سرعة ليجدها خارجة مرتدية جلبابها ورباط شعرها وواضعة الملاءة علئ كتفيها .. يندفع وراءها ..
يقول: ڤاليري .. انتظري..

تقول دون أن تلتفت: لا..

يضع يده على كتفها فتزيحها في حدة وتستمر في سيرها ..
يجد في سيره حتى يسبقها ويقف ليواجهها .. يقول: ڤاليري .. هل يمكنك أن تسمعينني؟

تنظر له في غضب وتقول: سمعت بما فيه الكفاية.

يقول لها: اسمعيني مرة أخيرة .. أنتِ .. أنتِ أميرة .. أنا لا أستطيع.. أنا مؤتمَنٌ عليكِ .. ليس فقط من وطني ولكن من مبادئي .. أنتِ وديعة يجب أن أوصلها سالمة لأصحابها حتى لو ضحيت بحياتي .. أو بكرامتي ..

عيناها لا تزالان مشتعلتان بالغضب .. تقول له: أهذا ما أنا بالنسبة لك؟! .. أمانة؟! .. وديعة؟! .. تعتبرني مجرد صندوق تريد إيصاله لمالكيه حتى يصفقون لشجاعة وأخلاق القائد ماكس؟! .. ألم يجز في عقلك أنني انسانة كاملة؟ .. لي عقل ولي إرادة مستقلة؟ .. أهذا ما ترانيه؟ .. مجرد شيء؟!

لم يعرف كيف يجيبها .. كل الإجابات التي يريد أن يقولها لا يصح قولها .. كان لديه الكثير ليقوله .. الكثير جدا .. ولكن كل هذا يجب أن يظل حبيسا بداخله .. حتى لو غضبت منه .. حتى إن كانت تلك هي المرة الأخيرة التي يراها فيها ..

نظر إلى الأرض ثم قال: اعتذر يا ڤاليري .. اعتذر بشدة .. سأنفذ لكِ ما تطلبين .. ولكن على الأقل، أيمكننا تأجيل هذا للصباح؟ .. الغابة مظلمة وخطيرة في المساء، ولن نعرف اتجاهنا الصحيح الآن .. كل ما أطلبه هو بضعة ساعات .. بضعة ساعات فقط حتى تبزغ الشمس ثم نذهب ..

بدا أن لهجته هدأتها قليلا، وزنت الأمر في عقلها ثم قالت في حزم: ليكن  .. بضعة ساعات ..

ثم دون أن تنتظره، استدارت وتوجهت إلى الكوخ .. دخلت وانسلت تحت الغطاء دون حرف واحد .. دخل ماكس بعدها ودخل تحت الغطاء في نقطته البعيدة ..
كان يفكر .. حسنا .. إنها النهاية .. كان شيئا متوقعا علئ كل حال .. في كل الأحوال كانت ستعود لزوجها وقصرها .. ألا يرى حاله؟! .. مشرد فقير بلا مأوى وبلا نقود وبلا طعام .. بلا أي شيء .. ما الذي يمنعها من تركه؟ .. بالعكس .. وجودها معه أي يوم أكثر من اللازم يحمل الكثير من الخطورة .. هو مجرم مُطارَد وهي أسيرة هاربة .. على الاقل هناك ستكون بأمان .. وهذا ما يهم .. فلتكرهه وتصب عليه جامات غضبها إن كان هذا هو السبيل الوحيد لتكون سالمة في مملكتها .. هو يمكنه أن يتحمل الجوع والبرد وحتى السجن والإعدام .. أما هي فلا ينبغي عليها ذلك .. هي .. هي أميرة ..

كعادة الأيام السابقة منعته أفكاره عن النوم .. كاد أن يخرج خارج الكوخ كما اعتاد أن يفعل ولكن برد هذه الليلة منعه .. فقط أزاح الغطاء من على جسده وزحف حتى أسند ظهره على جدار الكوخ من الداخل فاردا رجليه .. ثم أضاف بعض الأعواد للنار حتى تشتعل أكثر .. ليلة أخرى دون نوم .. ليلة أخيرة ...

الأسيرة 🔞 {مليون ونصف مشاهدة}حيث تعيش القصص. اكتشف الآن