٥٠

23.9K 275 9
                                    

يستيقظ ماكس أبكر من ميعاده المعتاد .. ما أن فتح عينيه حتى نهض وخرج خارج الكوخ .. لا ينبغي أن يظل بجانب الأميرة أكثر مما ينبغي ..
بعدما خرج تذكر أن النار قد خبت بالداخل والجو بارد .. عاد وأشعل النار مرة أخرى ثم خرج وأغلق الباب ..
جلس خارج الكوخ وأغلق عينيه .. ما الذي قالته الأميرة ليلة أمس؟ .. هل قالت أنه يدعها تنتظر؟ .. تنتظر ماذا؟ .. ولم بدت مترددة وهي تقول هذا؟ .. هل لاحظت ارتباكه؟ ..
ثم صدمه خاطر ما .. هل تعتقد الأميرة أنه سيغتصبها؟ .. هل تظن أن بصفتهم أعداء فهو لن يتركها قبل أن ينالها؟ .. هل هي تظن انه سينتهز فرصة ما ويأخذ جسدها؟ .. ماذا تراه؟ .. هل ترى كل ضباطهم خنازير مثل روبرت؟ .. شعر أن عليه أن يثبت لها العكس .. ثم أدرك أن الأمر ينطوي على إهانة له .. كيف تراه هكذا؟ .. لقد كان يظن أن...

قاطع أفكاره خروجها من الكوخ .. في الحقيقة تبخرت كل أفكاره دفعة واحدة .. كانت ترتدي جلباب ريفي مزركش بسيط، وعلى رأسها منديلا بلون الجلباب يمسك شعرها الذهبي عن الانسدال، وفي قدميها خفان صغيران كقدميها .. انفتح فمه دون أن ينتبه .. كان جمالها الهادئ لا يوصف .. حتى بدا له أن الشمس قد توارت من بهائها ..

رأته ڤاليري فضحكت وقالت: ماذا؟

ادرك أن شكله يبدو كالمعتوه فأغلق فمه وقال: لم .. ماذا؟

تقول له: لماذا تنظر لي هكذا؟

كان يريد أن يقول لها أنها تبدو كالملائكة ..
ولكنه قال بسرعة: لا .. لا شيء .. انها فقط .. انا لم .. هذه ملابس جديدة ..

جلست بجواره وأعطته نصيبه من الخبز والجبن وقالت: بالتأكيد .. هل تظن أنني سأظل بتلك الملابس التي تجعلني أشبهك؟!

ضحك .. إن لم يكن هذا هو الخير الذي يرافق الصباح، إذا فماذا يكون؟!

يأكلان في صمت .. تقول له: ماكس .. هل يمكنني أن أسألك سؤالا شخصيا؟

توتر .. ماذا ستسأله؟
أومأ برأسه..

قالت: يمكنك ألا تجيب بالطبع إذا أردت .. كنت فقط اتساءل .. ماذا حل بزوجتك؟

اكفهر وجه ماكس فجأة .. اكتنفت غمامة سوداء ثقيلة قلبه .. شعر بالدموع تملأ مقلتيه ..

لاحظت ڤاليري ذلك فقالت: أنا آسفة للغاية .. حقا آسفة .. يبدو انني ذكرتك بما حدث ولم يكن ينبغي علي ذلك ..

قال ماكس: لم أنس .. أنا أتذكرها كل يوم .. ما حدث لها لا ينمحي من عقلي ..

صمتت ڤاليري تماما .. أكمل ماكس: لقد كانت حب حياتي .. مررنا معا بالكثير حتى أن من يرانا يظننا توأمين بسبب تشابه طريقة كلامنا وحتى شكلنا .. كانت الحياة بالنسبة لي .. كنت أبذل قصارى جهدي في كل معركة لأجل أن أعود لها منتصرا أولا، ثم بعد ذلك لأجل وطني .. ابتسامتها فقط كانت تنسيني أهوال الحروب وهموم السنين ..

ساد الصمت لفترة .. لم تكن ڤاليري تسمع سوى حفيف الرياح وحركة أوراق الأشجار الجافة ..

ماكس يكمل: في يوم .. كنا في نزهة خلوية .. مجموعة من القادة مع زوجاتهم .. في الصباح ذهبنا نحن الرجال للصيد وبقيت النساء مع حارسين .. كان مكان آمن تماما .. بعيدا عن أي ساحة معارك او حتى استطلاع الجيوش ..
عندما عدنا كانت الصدمة .. حارس مقتول واخر حي ولكن جسده مليء بالطعنات .. كان جنود من الاعداء .. جنودكم .. بالصدفة في مهمة ومروا بالمعسكر وعرفوا أن من فيه ينتمون لمملكتنا .. قاتلهم الحارسان كالأبطال .. والنساء أيضا قاوموهم بكل ما في أيديهم .. في النهاية هربوا، ولكنهم استطاعوا خطف إحداهن معهم .. كانت هي (إيڤا) .. زوجتي ..

كانت أصابع يده منقبضة حتى أن ڤاليري ظنتهم سينكسرون ..

تابع: جن جنوني .. اقتفيت أثرهم وركضت بحصاني خلفهم بأسرع مما فعلت أي يوم في حياتي .. لحقت بهم .. كانوا خمسة .. قلت لهم أن يتركوها وسأدعهم يرحلون .. ترجلوا عن خيولهم وترجلت أنا أيضا .. كانت أقصى مرة شعرت فيها بالهلع في حياتي .. كان أحدهم يمسك بإيڤا ونصل خنجره يلامس عنقها .. كنت أعرف أن كل كلمة مني يجب أن توزن بعقل، لأن حياتها هي التي على المحك .. طلبت منهم أن يتركوها ويأخذوني أنا أسير .. قلت لهم إنني قائد معروف وسيحصلون على مكافآت كبيرة إن عادوا بي لضابطهم، على شرط أن يتركوها ..

سالت دموع ماكس بالفعل .. شعرت ڤاليري بالأسى البالغ لحاله ..

تابع: وافقوا .. عندها ألقيت سيفي فأبعد الجندي الخنجر عن عنقها وأمسك اثنان بيدي يقيدانني .. صحت بها أن تهرب .. ولكن ماسك الخنجر ما أن تأكد من أنني رُبطت، حتى أمسك بذراعها .. صرخت به في غضب أن يحترم اتفاقنا .. لكنه ابتسم في سخرية .. قال أنه سيغتصبها أمامي ثم يعود بها لتكون جاريته .. لم أحتمل .. كانوا خمسة ولكن غضبي وخوفي كانا بلا حدود .. ظللت أركل هذا وأضرب هذا وأزيح هذا من طريقي ..

سكت قليلا ليلتقط أنفاسه، ثم أكمل: عندما وصل باقي أصدقائي وجدوني راكعا .. مكبل اليدين .. تسيل الدماء من كل مكان في جسدي .. وإيڤا منحورة العنق على رجلي .. تمكنت من قتلهم ولكنني خسرتها .. قتلها ذلك الكلب عندما أدرك هزيمته ..

نهض في النهاية وقال: قُتلَت بسبب كبريائي .. بسبب غبائي .. ربما لو كنت تذللت لهم لكانوا تركوها .. ربما لو كنت ماطلتهم لكان أصدقائي وصلوا وأنقذوها .. عندما ذكر ذلك الكلب أنه سيؤذيها تلاشى كل تفكيري العاقل وصرت كثور هائج .. والنتيجة؟ .. ذهبت إيڤا .. وإلى الأبد ...

الأسيرة 🔞 {مليون ونصف مشاهدة}حيث تعيش القصص. اكتشف الآن