٥١

24.9K 289 2
                                    

ماكس ينهض ويسير في الغابة علئ غير هدى .. كانت الذكرى تأكله من الداخل كجرح ملتئم تم تقشيره بقسوة فعاد ينزف مرة أخرى ..
لماذا حكى القصة مرة اخرى؟ .. ألم يعاهد نفسه أن تظل حبيسة أعماقه للأبد؟ .. ألا يكفيه أطنان الشعور بالذنب والعجز التي يتجرعها من تلك الذكرى التي لا تفارق خياله؟ ..

كيف طاوعته عيناه لينظر لامرأة أخرى بعد إيڤا؟ .. كيف سمح له عقله أن يفكر في أحد بعدها؟ .. كيف اشتهي جسده امرأة أخرى؟ .. هل أصبح خائنا لرفيقة عمره بهذه السهولة؟!..

وجد نفسه أمام النهر .. انه يحتاج للاغتسال .. الاغتسال من الذكريات .. الاغتسال من الشهوة .. الاغتسال من الافكار .. الاغتسال من الالم ..

خلع ملابسه وألقاها بلا اكتراث وقفز في النهر..

يجب أن يعود ماكس القديم .. ماكس القوي .. ماكس الذي لا يظهر عليه سوى الصلابة والشجاعة .. فليعود ماكس الضعيف لقبره .. لنهيل عليه تراب التناسي والتجاهل ..

الماء بارد قليلا .. هذا جيد .. يجب ان يرتجف من البرد .. ربما يموت كذلك .. إنه يستحق هذا ..
لولا أن تلك الأميرة لا تزال مسئوليته ربما لقتل نفسه ..
لم يبق له شيء في الحياة .. ويبدو أن كل يوم يمر يغيره ويبعده عن نفسه القديمة التي يعرفها ..

سبح لفترة .. طويلة .. ربما لساعات .. ثم انتزع نفسه بما بقى له من إرادة ليخرج من الماء .. يجب ان يذهب .. يخرج ويرتدي ملابسه .. إن ميعاد مرهم الأميرة قد حضر .. لينتهي من مسئوليته فحسب .. لا يتمنى اكثر من أن تنسى الأميرة كل ما قاله لها .. او علئ الاقل تتناساه .. امسك لسانها الثرثار عن الحديث .. تتركه يفعل ما عليه في صمت وهدوء ..

ولكنها كانت هناك .. الأميرة .. واقفة بجانب أحد الأشجار ووجنتيها حمراوان كالطماطم .. هل رأته دون ملابس؟

اقترب منها ليسألها عن ذلك .. ولكنه قرر أن هذا لا يهم .. رأته أو لم تره .. ليذهب كل شيء للجحيم ..
مر بجانبها دون كلمة متجها باتجاه الكوخ .. تبعته هي أيضا صامتة ..

وصلا للكوخ .. وقف خارجا ودخلت هي .. انتظر قليلا ثم دخل .. ككل يوم كانت مستلقية وظهرها مكشوف ينتظر دهانه .. يتناول المرهم .. يدهن جلدها في آلية وذهنه شارد بعيدا .. ربما نسى بعض المناطق وربما دهن بعضها أكثر من مرة .. لا يعرف .. المهم انه انتهى فحسب ..
أدار ظهره لتتغطى، ثم تحرك وتغطى هو أيضا في أبعد نقطة كعادته .. ليأت النعاس الآن .. ليأت وينقذه من دوامات الأفكار السوداء .. ليأت حتى يرتاح مخه قليلا .. كل ما يريده هدنة قصيرة مع الافكار حتى الصباح، ثم لها أن تعبث به كما تشاء طوال اليوم التالي ..

ولكن النعاس أبى أن يأتي .. الأرق ضيف ثقيل، لا يحضر إلا وأنت تتمنى الهرب منه .. الافكار تهاجمه بشدة .. هذا أكثر من احتماله ..
يترك الغطاء الدافئ ويخرج خارج الكوخ .. ربما تتجمد الافكار قليلا مع تجمد أطرافه ..
ولكن الافكار لم تكن تتأثر بدرجة الحرارة ..

منذ اسبوعين كان ماكس .. القائد المعروف .. صديق الملك .. بطل المعارك .. الرجل المخلص لارملته الراحلة ..
الآن .. هو قاتل الملك .. خائن .. مجرم مطلوب .. طريد العدالة .. شريد .. بلا مأوى .. بلا نقود .. تعوله امرأة من نقود فكرتها .. امرأة من العدو .. بل حتى هو لا يحافظ على احترامها وتقديرها، بل يشتهيها أيضا .. يخون أرملته ويخون وطنه معا .. انه يستحق الموت .. حتى إنه لم يشته امرأة عادية .. انها امرأة متزوجة .. متزوجة من ولي عهد العدو .. يشتهي جسد ملكة الأعداء المقبلة .. أي مستنقع أصبح فيه .. هل تبخرت كل مبادئه عند رؤية مؤخرة عارية؟! ..

وماذا لو عرفت الأميرة ما يدور في فكره تجاهها؟ .. كيف ستثق فيه بعد ذلك؟ .. كيف تستأمنه على نفسها وهو ينظر إليها بهذه الصورة؟ .. لها الحق ان تفكر انه إن كان لم يحافظ على أفكاره ناحيتها فهو بالتأكيد لن يحافظ على كلمته بحمايتها وإيصالها سالمة ..

إنها عدة أيام باقية فقط .. لتمر كيفما تمر، ثم يعيد الأميرة .. وقتها سيكون حرا .. سيهرب .. إلئ أبعد مكان ممكن ..
أو ربما لا .. ربما يربط حبلا في شجرة وينهي به كل شيء .. او يفعلها كما سمع أن أهل اليابان يفعلونها .. يغمد سيفه في بطنه .. مِيتة تحفظ له أي شيء من ماء وجهه علئ الاقل .. وقتها سيرتاح بالفعل .. وقتها سيذهب إلى إيڤا .. هل ستقبل اعتذاره وقتها؟..

الأميرة تخرج من الكوخ .. شيء عجيب قليلا .. الظلام لا يزال باق .. لماذا استيقظت الآن؟! .. ربما تريد التبول او شيء ما .. على كل حال ليس فيه طاقة للسؤال .. لتفعل ما تريده وتعود لدفئها .. ليس هناك فسحة في دماغه حتى للاهتمام ..

ولكن الأميرة اقتربت منه .. لم تتكلم .. بل استلقت على الأرض وأراحت رأسها على فخذه، ثم مدّت الغطاء لتغطي رجليه هو أيضا .. لم يكن فيه سعة نفسية حتى للتعجب مما تفعله .. لا شيء يهم ..

بعد قليل، عرف من صوت تنفسها المنتظم انها نامت بالفعل .. الغريب أن النعاس بدأ يغزو عقله هو أيضا .. يبدو أنه سينام .. أخيرا ..

الأسيرة 🔞 {مليون ونصف مشاهدة}حيث تعيش القصص. اكتشف الآن