في تمام الثانية ظهرا ..
كان "رشدي" يصطحب "توفيق" معه إلي نقطة الشرطة لعمل إبلاغ .. فالأمر أصبح لا يمكن السكوت عليه ..
توجها معا إلي مكتب الضابط ، و بدأ "رشدي" الكلام:
-مساء الخير .. عايزين نبلغ عن حالة اختطاف.
تطلع إليه الضابط الجالس فوق مكتبه رافعا حاجبيه في إستخفاف و قال:
-يا فتاح يا عليم .. اختطاف مرة واحدة ! .. و مين بقي اللي اتخطف ؟؟
عند ذلك .. رد "توفيق" عن "رشدي":
-بنت اخويا حضرتك .. بنت اخويا اللي اتخطفت.
أومأ رأسه مهمهما ، ثم سأله:
-و اتخطفت من امتي و ازاي ؟؟
أجابه "توفيق" شارحا:
-هي مختفية من اسبوعين تقريبا ، كانت نازلة الصبح لجامعتها و مارجعتش من يومها.
-و جامعتها دي فين ؟؟
-علي طريق 6 اكتوبر.
هز الضابط رأسه ، ثم زم شفتيه و قال:
-بص يا استاذ من الاخر المنطقة دي مش تبع القسم بتاعنا.
إستوضحه "توفيق" مقطبا:
-يعني ايه ؟؟
-يعني تروح تبلغ في قسم مصر الجديدة و هما يدوروا بقي.
توجه "توفيق" هو و "رشدي" إلي قسم ( مصر الجديدة) و دلفا إلي مكتب الضابط المسؤول .. :
-مساء الخير .. عايزين نبلغ عن حالة اختطاف.
قالها "رشدي" مرة أخري ، بينما إنتفض الضابط و هو يقول متبرما:
-يادي الليلة السودة .. اختطاف ايه بس يا عم انت .. هو يوم باين من اوله !
ثم سأله متأففا:
-طب انجز و قول اللي عندك يلا.
لم يتكلم "توفيق" بل مضي "رشدي" يشرح له ما سبق و قاله "توفيق" للضابط الأول و أضاف علي ذلك:
-بس يافندم .. لكن احنا عارفين مين اللي خطفها.
بعصبية باغته الضابط:
-يعني عارف و ساكت ؟ طب ما تقول !
أجابه "رشدي" علي الفور:
-واحد اسمه عاصم الصباغ.
تغضن جبين الضابط بعبسة حائرة و هو يردد:
-عاصم الصباغ ! انا سمعت الاسم ده قبل كده .. متهيألي قريته في الجرايد.
عند ذلك .. نطق "توفيق" فقال بصبر نافذ:
-عاصم الصباغ رجل اعمال بيشتغل في التصدير و الاستيراد و مؤخرا بقي بيشتغل في المقاولات كمان.
همهم الضابط متداركا ، ثم عاد يقول مستنكرا:
-يعني حضارتكوا جايين و عايزين تفهموني ان واحد زي ده هيخطف بنتكوا ! ليه ان شاء الله ؟ تبقي بنت مين يعني ؟ و لا هو لي عندها ايه ؟؟
في تلك اللحظة .. إنفلت صبر "توفيق" فصاح به بإنفعال:
-احنا جايين نقدم بلاغ بوقعة حصلت و من واجب سيادتك انك تاخد اجراءاتك مش تقعد علي مكتبك و تحكي معانا في كلام فاضي مايخصكش اصلا.
توهجت عينا الضابط بغضب ، فهب واقفا و هو يهدر بصوته الخشن:
-انت اتجننت يا راجل انت ؟ بتعلي صوتك عليا ؟ ده انا اوديك ورا الشمس.
كاد "توفيق" يرد ثانية ، فقبض "رشدي" علي ذراعه و ضغط عليه و هو يرمقه بنظرة محذرة ، ثم إلتفت إلي الضابط و قال بلطف:
-احنا مانقصدش يا باشا .. احنا بس قلقانين علي بنتنا ، يعني سيادتك حط نفسك مكانا.
عاد الضابط يجلس مجددا و هو يقول بمزيج من الحدة و الوقاحة:
-و الله احنا مش فاتحين القسم جميعة لحقوق الانسان .. و انا ماقدرش اخد العساكر و اتهجم علي بيت راجل مهم زي ده و احتمال يطلع بلاغكوا فشنك و اخش انا في سين و جيم ، مسؤليتي تبدأ لو في شهود علي الوقعة ، عندكوا شهود ؟؟
تبادل "رشدي" النظرات مع "توفيق" ثم تطلع إلي الضابط و هز رأسه نفيا ، ثم سأله:
-طب و العمل يافندم ؟؟
أجابه الأخير بفظاظة:
-روح بقي لشرطة المديرية ، لشرطة المباحث ، حرس الحدود اشتكي في همسة عتاب .. المهم تبعد بالبلوة دي عننا ، يلا بقي بالسلامة انت و هو.
غادرا قسم الشرطة في خيية و قلة حيلة ..
ظلا صامتين حتي قطعا منتصف الطريق .. عندها وقف "توفيق" فجأة و صاح وسط المارة بغضب جم:
-اديني سمعت كلامك اهو يا رشدي و روحت بلغت .. حصل ايه بقي ؟ الدنيا اتقلبت ؟ البت رجعت ؟؟
هدئه "رشدي" بنبرة إشفاق زادته حنقا:
-اهدا .. اهدا يا توفيق ليها حـ ..
قاطعه "توفيق" صائحا بإنفعال جذب إنتباه الناس من حولهم:
-ماتقوليش ليها حل .. زهقت من الكلمة دي .. حاسس اني عامل زي الولايا .. خلاص كده ؟ استعوض ربنا في البت يعني ؟؟
أمسك "رشدي" بيده و هتف بصرامة:
-قلتلك اهدا يا توفيق .. خلاص .. الليلة دي الموضوع هيتحسم .. بنت اخوك هترجعلك الليلة دي !