أمام المشفي الخصوصي العام بقلب المدينة ..
دفعت "هويدا" آجرة سائق التاكسي ، ثم ترجلت مسرعة لتلحق بـ"قوت القلوب" التي هرولت فورا صوب البوابة الرئيسية ..
دخلتا إلي قسم الإستعلامات .. و كانت هناك فتاة تجلس خلف مكتبها ، فإتجهت "قوت القلوب" نحوها ، و سألتها بنبرة متهدجة إنفعالا:
-لو سمحتي يابنتي .. ماتعرفيش فين جناح ج ؟؟
تطلعت إليها الفتاة ، و إستفسرتها بلهجة رسمية:
-قصد حضرتك جناح معمل التشريح ؟؟
بُـهتت "قوت القلوب" .. فنقلت بصرها إلي "هويدا" و قالت متلعثمة:
-تـ تشريح ؟ .. تشريح ايه ؟ احنا مالنا بالكلام ده ؟ .. انتي متأكدة يا هويدا انه قالك جناح جيم ؟؟!
أومأت "هويدا" مؤكدة بقولها:
-ايوه يا قوت قالي جناج جيم و قالي اسألي عليه في الطوارئ و الاستعلامات.
إزاداد جزعها ، و لم تعد تطيق صبرا و تجلدا ، فصاحت بعصبية:
-طب ايه علاقة بنتي بمعمل الزفت ده يا هويدا ؟؟
تدخلت الفتاة في هذه اللحظة قائلة بلطف:
-بصوا يا حضرات ، جناح جيم هنا خاص بمعمل التشريح و تلاجات الحفظ .. الجناح في الدور التالت واخد الدور كله.
فزعت "قوت القلوب" لقولها ، فصرخت فيها:
-تشريح ايه و تلاجات ايه ؟ .. احنا مالنا بالحاجات دي ؟ انا عايزة اعرف بنتي فين ؟ بنتي وصلت امبارح عندكوا و كانت عاملة حادثة .. خطيبها هو اللي كلمني من شوية و قالي كده ، بس كويسة .. هو قالي كده بردو ، قوليلي بنتي فين ؟؟؟
أجابت الفتاة محتدة هذه المرة:
-ماعرفش حضرتك .. و بعدين اصلا قسم الحوادث عندنا ماستقبلش حالات خالص امبارح ، و كل اللي اعرفه قولتهولك اكتر من كده ماعنديش كلام تاني.
دارت الأرض بها فإلتفتت إلي "هويدا" .. سألتها بأنفاس مآخوذة ، ذاهلة:
-يعني ايه ؟ .. انا مش فاهمة حاجة يا هويدا !!
لم تقل صدمة "هويدا" عنها عندما ردت بنفس الذهول:
-و لا انا يا قوت !!
-مـ مساء الخير ! .. حضرتك مدام قوت القلوب ؟؟!
إلتفتت "قوت القلوب" إلي صاحب الصوت ، لتجد أمامها شابا يرتدي زي الشرطة الرسمي ..
أومأت "قوت القلوب" رأسها إيجابا ، و قالت بلهفة:
-ايوه يابني انا.
بإرتباك ظاهر .. قال الشاب:
-انا وليد بدر الدين ، زميل المقدم إياد راشد خطيب بنت حضرتك الانسة هنا .. هو باعتني اشوف حضرتك وصلتي و لا لسا ، اتفضلي معايا هاوديكي لي !**********************************
-الله يخربيتك يا سمية .. ودتينا كلنا في ستين داهية.
قال "إسلام" تلك الجملة ثائرا و هو يقف وجها لوجه أمام "سمية" داخل منزلها ..
فزجرته الأخيرة في غضب و هي تقول بعصبية مكتومة لئلا يسمعها الجيران:
-وطي صوتك يا بني آدم انت .. و بعدين انا مش فاهمة منك حاجة ، وضح كلامك .. داهية ايه اللي بتتكلم عنها ؟؟!
غدت عيناه كجمرتي نار و هو يقول بغلظة:
-انتي ماقولتليش ليه ان الزبونة خطيبها يبقي ظابط ؟؟
-و انت ايه اللي يهمك في كده ؟؟
رددت ببلاهة ، فإمتدت يداه ، و قبضتا علي رسغيها بقوة ، ثم هدر بعنف:
-يهمني كتير يا حلوة .. انا لو كنت اعرف كده ماكنتش وافقتك و طلعت الطلعة دي ، انتي خدعتيني يا سمية .. خطيبها مش هيسكت ، هيقلب الدنيا و هينخور ورا الموضوع لحد ما هيجبنا.
حاولت "سمية" أن تهدئه بقولها:
-ماتقلقش يا اسلام .. و هو هيعرف طريقنا ازاي بس ؟؟!
إبتسم "إسلام" بسخرية قائلا:
-هيعرف يا سمية .. امبارح و احنا طالعين نجري من البانسيون ، اكتشفت علي اول الشارع ان موبايلي وقع مني .. ادعي ربنا بقي مايكونش وقع في الاوضة اللي هببنا فيها العملة السودا دي.
إتسعت عينيها بشدة حتي لامست أهدابها قوس حاجبيها .. أصبح قلبها يخفق بسرعة رهيبة ، بينما أنذرها "إسلام":
-و يكون في علمك يا سمية لو الموضوع اتكشف و لاقيت نفسي مقبوض عليا مش هسكت .. هعترف عليكي ، ههد المعبد فوق دماغي و دماغك و عليا و علي اعدائي.