42

2.4K 75 4
                                    


داخل غرفة "عاصم" ، دقت ساعة الحائط التاسعة و النصف مساءً ..
كانت الأرض مكسوة بالسجاد الأزرق السميك ، و الجدران مغطاةمن الأرض حتي السقف بستائر بيضاء مزينة بعقد حريرية ..
فيما سائر الجدران بعض أقسامها مغطاة بألواح من خشب الجوز و بعض أخر ذي لون أبيض و محاط بأطر خشبية داكنة ..
أيضا كان لهب النار الذهبي يتوهج خلف سياج من الحديد المليف الغامق أمام موقد من الحجر الأبيض اللماع قائم عند منتصف جدار جانبي مضفيا علي الغرفة جوا حميميا دافئا
قبالةالموقد ، كانت هناك آريكة واسعة ذات غطاء مخملي أحمر عززت إحمراره تلك الوسائد البيضاء الناصعة ، و علي جانبي الموقد مقابل الآريكة مقعدان وثيران بجانبهما طاولة مستطيلة منخفضة تنعكس نار الموقد علي سطحها اللامع ..
أما بمنتصف الغرفة من الجهة الأخري .. إنتصب سرير عريض ضخم و متين .. في هذا الوقت ، تململت "هانيا" بمكانها فوقه و هي تقاوم نداء وعيها الداعي للإستيقاظ
إذ كان يلفها شعور النعاس الثقيل و يغريها بالغط في النوم وقتا أطول ، لكنها شعرت بشيء يهمس بعقلها و يدفعها إلي وجوب الإستيقاظ الأن ..
و في الأخير .. إنفتح جفناها تلقائيا .. فتركزت نظراتها علي السقف العالي ..
قطبت "هانيا" مستغربة جو الغرفة و هوائها ، بينما أحست بشيء غريب يحدث .. أو ربما حدث لها بالفعل !
و بدون وعي ، إرتفعت يداها إلي صدرها فهالها ما إكتشفته ..
غطاء أبيض من الحرير كان جل ما يسترها !!
تساءلت بذعر .. من الذي نزع عنها ملابسها ؟؟
جف حلقها و تلاحقت أنفاسها برعب حين طرأ علي ذهنها أخر مشهد عاشته قبل أن تفقد وعيها ، و بخوف .. أمالت رأسها إلي جانبها ..
فإنتفض جسدها و هبت نصف جالسة علي الفراش و هي تتشبث بالغطاء حولها ، فيما شعرها الأشقر الطويل يحيط بوجهها و كتفيها العاريتين كالشلال ..
كان "عاصم" مستلقيا إلي جانبها علي وجهه دافنا ندبته في عمق الوسادة تحت رأسه ، فظهر لها جانب وجهه السليم المنحوت ..
حدقت "هانيا" بعينين ذعرتين إلي ظهره العاري و هي لا تريد أن تفسر الوضع بالبديهة المعروفة في مثل تلك الظروف ..
هزت رأسها بإستنكار فوقعت عيناها علي الشراشف و الأغطية الملوثة بدماء عذريتها !!
و هنا .. إرتفعت إلي حلقها ألف صرخة آلم و إحتجاج و رفض علي ما حدث لها ، إنما لم تقدر أي منها أن تهرب من بين الشفتين المطبقتين بشدة و خيل إليها أن رأسها فرغ من الأفكار و أنها علي وشك أن تفقد صوابها ..
تجمعت دموع القهر و المرارة في عينيها ، فقلصت أصابعها و غرزت أسنانها في قبضتها بقوة ، ثم أخيرا أطلقت صرخة كصرخة حيوان جريح شقت ظلمة الليل ..
إستيقظ "عاصم" في الحال علي إثر صرختها و فتح عينيه واسعا ..
جلس في مكانه و هو ينظر إليها بإضطراب شديد ، حركته الفجائية هذه أسقطت الأغطية عنه و كشفت صدره العضلي الأسمر
حاول أن يمسح عن وجهه آثار النعاس .. فيما إمتد الصمت بينهما و تنامي ، فأسدلت "هانيا" أهدابها لتغمض عينيها .. فالآلم في داخلها كان حادا جدا و إلي درجة لم تستطع معها أن تتحمل رؤيته .. :
-هـ هانيا !!
قال "عاصم" بصوت خفيض و هو يحاول أن يقترب منها .. و لكنه عدل عن رأيه حين صرخت "هانيا" مرة أخري دون سابق إنذار و هي تقول بصوت مختنق مزقه نشيجها المرير:
-ليييه ؟ .. ليه كده ؟ .. ليه عملت فيا كده ؟ .. حرام عليك انا عملت فيك ايه عشان تعمل فيا كده ؟؟!!
أجفل"عاصم" بتوتر ثم مد يده و لمس كتفها العاري و هو يقول بلطف هادئ:
-ممكن تهدي طيب ؟ .. اسمعيني !
لمسة يده وقتئذ بعثت فيها حياتها الجديدة الثائرة و المفعمة بالكراهية ، فإنتفضت بعنف و هي تصرخ فيه بهستريا:
-اوعي .. ماتلمسنيش يا حيوان .. اياك تقرب مني تاني .. حرام عليك وسختني .. قضيت عليا و علي حياتي .. سرقت مني كل حاجة .. سرقت مني ابويا و بيتي و كل حاجة كانت ليا .. و في الاخر سرقت الحاجة الوحيدة اللي فضلتلي ! .. ليه كده ؟ .. ليييه لـ ..
و بترت كلامها فجأة ، إذ لم تستطع مقاومة موجة الغثيان التي جرفتها فتقيأت بقوة فوق فراشه ..
إقترب "عاصم" منها و هو ينظر إليها بجزع ثم أمسك خصلات شعرها الأمامية ليبعدها عن وجهها ، فدفعت يده و قد إزدادت حدة تقيؤها ..
راعي "عاصم" موقفها ، فتركها و شأنها حتي تستعيد بعضا من تماسكها ..
و لكن حين إلتفتت أخيرا لتواجهه لم تآبه بتاتا لشحوب وجهه المتقلص و لا للعذاب العميق في عينيه ، بينما قال هو بصوت رقيق:
-هانيا .. ارجوكي اهدي .. انا هتجوزك و انا قلتلك الكلام ده قبل كده ، عنادك هو اللي خلاني ألجأ للتصرف ده.
هزت رأسها بعنف و هي تصرخ بصوت متحشرج:
-انا مش هتجوزك ، مش هتجوزك .. و اقسم بالله طول ما فيا نفس مش هخليك تقرب مني تاني ، مش هتلمسني مرة تانية بالغصب الا و انا ميتة.
و أحكمت وضع الغطاء ملفوفا حول جسدها العاري ، ثم نهضت من الفراش ..
و قبل أن تتخذ خطوة بعيدا عنه خفضت بصرها إلي الأرض فوجدت ملابسها الممزقة متناثرة تحت قدميها ، فكتمت آناة مريرة و ركضت صوب الباب تاركة تلك الغرفة التي شهدت نهاية عذريتها بأبشع صورة ممكنة ..
كانت تعدو بين الغرف مهرولة و هي تسمع همهمات بعض الخادمات صادرة من الطابق السفلي حتي وصلت إلي غرفتها .. فأغلقت الباب من خلفها و تركت الغطاء يسقط عن جسدها ..
إتجهت بآلية نحو حمامها الخاص ، ثم وقفت تحت الصنبور لتعرض جسدها لنافورة المياه الدافئة ..
قضت وقتا طويلا تستحم بينما كانت في إستحمامها دموع قهر علي حالها إختفت مع قطرات الماء التي راحت تطهر جسدها من ذنبه ...

المظفار والشرسهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن