66

2.3K 63 8
                                    


هتف "إياد" به كالمجنون:
-فيــن ؟ فين يا وليـد ؟؟
-الموبايل دلوقتي موجود في مصر القديمة.
ثم أملاه العنوان بدقة و تركيز و كأنه يقرأه من مصدر ما أمامه:
-تحديدا في آاا .. في دار السلام ، جوا سكن قديم او بانسيون حاجة كده تقريبا .. اه هو بانسيون اسمه بانسيون النجمة.
-بانسيون النجمة !!
تمتم "إياد" مقطبا ، لكنه سارع إلي القول بصوت أجش:
-طيب عموما انا قريب شوية من مصر القديمة ، هطلع حالا علي هناك بس طلعلي انت اذن يا وليد و ابعتلي قوة علي هناك.
-عملت كده فعلا يا إياد باشا ، و مسافة السكة انا كمان هكون عندك.

...........................................................

-هناخدها نرميها جمب انهي مستشفي ؟؟
قالها "إسلام" متسائلا و هو يلهو بهاتفهه ... فبرز صوت زميل من زملاؤه:
-في مستشفي قريبة من هنا بعد شارعين بالظبط .. ممكن نحطها في اي حتة برا و الناس اكيد هياخدوها علي هناك.
قطع حديثهم بغتة رنين هاتفهها داخل حقيبة يدها علي الأرض ..
تآفف "إسلام" في ضجر قائلا:
-يوووه .. موبايلها ده مابطلش رن مالصبح.
ثم أطلق إحدي دعاباته الثقيلة:
-اكيد اهلها كلهم اللي عاملين يتصلوا بيها .. زمانهم دايرين في الشوارع يغنوا عيلة تايهة يا ولاد الحلال.
و قهقه مغتبطا ، ثم قال بلهجة آمره:
-طب يلا بقي عشان الوقف قفز .. حد يشيل المزة علي ما افضي السكة برا.
إتجه أحد الرجال نحوها متطوعا بحملها ، فمد يديه و لف جسدها بالملاءة البيضاء الناضحة بدمها الغزير ..
و لكنه ما كاد يحملها بين ذراعيه حتي تناهي إلي سمعه دوي قوي لأبواق سيارات الشرطة ..
إرتد الرجل بجسده للخلف مرتابا ، بينما سادت حالة من الفزع العام بين الباقون ، فصاح أحدهم ملتاعا:
-ايه ده ؟ .. ايه الصوت ده ؟ .. هو ايه اللي بيحصل يا اسلام ؟؟
عبس "إسلام" في شيء من التوتر ، و إندفع صوب الباب ليسترق السمع من الخارج ... فتكلم فرد أخر:
-هي ايه الحكاية يا اسلام ؟ .. البوليس ده داخل علي هنا و لا ايه ؟ انت مش قلتلنا الطلعة دي مافيهاش عوأ ؟؟!
إلتفت "إسلام" إليهم و قال بعصبية:
-ماعرفش حاجة .. جايز .. ما اصلا الزفت البانسيون ده مشبوه ، يعني كنا هنعرف نجيبها فين و نعمل العملة دي الا في مكان زي ده ؟ .. و بعدين المكان هنا عمر ما شمته الحكومة ، اشمعنا انهاردة يعني ؟ جت علي حظنا احنا و بركت ؟؟!
برز صوت أخر مذعور:
-طب ايه العمل دلوقتي ؟ .. هـ هنتصرف ازاي ؟؟
أخذ "إسلام" يفكر للحظات .... ثم قال فجأة:
-في باب هنا في البدروم بيخرج عالشارع من الناحية العمومية .. يلا بينا هنمشي دلوقتي حالا و هنسيبها هنا مش هناخدها معانا.

............................................................

علي الطرف الأخر ..
بفضل المرور المزدحم ، وصل "إياد" إلي المكان المنشود بعد مدة طويلة نسبيا ..
فوجد جميع المارة ، و سكان الحي محتشدين هناك في حالة قلق و تساؤل ..
لم يستطع "إياد" أن يبلغ الطريق إلي الداخل بسهولة نظرا لوجود الحواجز الحديدية ، و منع الشرطة لدخول أو خروج أي أحد .. و لكنه شق طريقه بين التجمهر الكبير و هو يسمع التعليقات علي إختلاف أنواعها ..
وصل عند الشرطي القائد ، فأخرج بطاقته الشخصية ليريها له و هو يقول بصلابة:
-انا المقدم إياد راشد.
بمجرد أن نظر الشرطي في بطاقته الشخصية ، أفسح له طريق الدخول بسرعة و هو يقول بآدب:
-اتفضل يا باشا .. وليد بيه مستني سيادتك جوا.
إندفع "إياد" كما العاصفة الهوجاء للداخل ، فإنتبه إلي صوت مشادات و مشاجرات صادرة من قاعة الإستقبال البالية ..
خطي "إياد" داخلها ، ليجد زميله "وليد" يقف هناك ، و يطلق لسانه و صوته إطلاقا شنيعا في جميع مسؤولي المسكن الردئ ..
وصل "إياد" عند زميله بوجه مكفهر ، فسأله بذلك الهدوء الذي يسبق العاصفة:
-في ايه يا وليد ؟ .. ايه اللي بيحصل هنا ؟؟
إلتفت "وليد" إليه ، و أجابه و هو يحاول أن يهدئ قليلا من حدة نبرته الثائرة:
-اياد باشا .. جيت في وقتك .. العيال اللي هنا سايقين الهبل عالأخر ، لحد دلوقتي مش عارف اخد معاهم لا حق و لا باطل ، كل الناس هنا في المنطقة عارفين سمعتهم و سمعة المكان الو*** لكن اول ما دخلنا جينا نفتش و لا لقينا حاجة ، و لا مخلوق .. ترمي الإبرة ترن يا باشا عاملين ناصحين.
ثم عاد ينظر إلي المسؤول الأول عن المسكن ، و هتف بغضب:
-يابني انطق بالذوق احسنلك بدل ما انطقك بطريقتي.
و هنا .. رفع "إياد" يده في حركة حازمة ليسكت "وليد" ... ثم إقترب ببطء من الشاب ..
إبتلع الأخير ريقه في توتر و خوف .. فقد كان مظهر "إياد" لا ينم عن خير أبدا ، إذ بدا كرجل قادر علي القتل في هذه اللحظة و لن يتواني عن عزمه أبدا ..
و علي حين غرة .. هجم "إياد" عليه كوحش مفترس ، حيث أمسك بتلابيب قميصه و رفع قبضته المشدودة ، و لكمه في وجهه بقوة .. تأوه الشاب بصوت واهن جريح ، فسأله "إياد" هو يسحق الكلمات بين أسنانه:
-هي فين ؟؟
رد الشاب بإعياء لاهثا:
-هي مين دي يا باشا .. ما انا لسا قايل للباشا اللي وراك احنا ماعندناش حد هنا.
سدد "إياد" له لكمة أخري أسفل فكه .. أسالت اللكمة خيطا رفيعا من الدماء تدلي من جانب شفتبه ..
ضاعف إنكاره من غضب "إياد" و قوته ، فصاح فيه بضرواة قبل أن يصب علي جام غضبه مجددا:
-هي فييييين ؟ .. انطق يالاه ، انطق .. و رحمة امي لو ما نطقت لاكون دفنك مكانك هنا و محدش هيحوشني عنك.
أجابه الشاب بنبرة خاملة و هو يترنح بين يديه:
-هي مين بس يا باشا ؟ .. احنا ماعندناش حد هنا و الله ، المطرح اديله اسبوعين بينش زي ما سيادتك شايف.
صر "إياد" علي أسنانه بقوة ، فرفع قبضته مرة أخري و هوي بها علي أنفه ، ليحطم إثنان من أسنان فكه العلوي ..
صرخ الشاب بقوة كبيرة و هو يتألم بشدة ، و لكن "إياد" لم يكتف بعد ، بل أطاح به أرضا و إنفجر غيظه بضربات قاسية فيه ..
حيث راح يركله بقدميه بأقصي قوته ، أسفل معدته ، في وجهه ، في ظهره ، و علي رأسه ..
عند ذلك.. جاء "وليد" من خلف "إياد" و أمسك به ، حاول أن يهدئه بقوله:
-خلاص يا إياد باشا .. خلاص الواد هيموت في ايدك.
ثم وجه حديثه بحدة إلي الشاب:
-و انت يابني انطق بقي و خلص نفسك لتروح فيها دلوقتي.
تخلص "إياد" بسهولة من يدي "وليد" اللتين تكبلانه ، و جثي علي ركبيته إلي مستوي الشاب ، و أمسكه بتلابيبه مجددا و هو يسأله مزمجرا:
-لو ماتكلمتش فورا هقتلك .. قسما بالله هقتلك.
و أخرج سلاحهه من عقاله الجلدي .. إتسعت عينا الأخير في رعب وجل ، فهز رأسه هزة أفقية خفيفة ، و دار لسانه في كهف فمه ..
لوهلة ، إستعصي عليه النطق .. لكنه أصدر صوتا ضعيفا بغيضا ، أشبه بالعواء:
-فـ في و .. ا حـ دة هـ هنا يا باشا !
هزه "إياد" بعنف صائحا:
-هي فيــن ؟ انطق !
أخذ يسعل بقوة ، ثم قال بصوت خفيض بالكاد إستطلع "إياد" سماعه:
-في شلة عيال .. جابوها هنا الصبح .. نزلوا بيها عالبدروم اللي تحت ده.
و رفع يده المرتعشة ، و أشار له علي سلم جانبي صغير ..
تركه "إياد" و هرول راكضا صوب السلم يتبعه "وليد" ..
قفز الدرجات مرة واحدة ، حتي وجد نفسه وجها لوجه أمام باب خشبي متهالك ..
رفع ساقه اليمني و دفع الباب بكل قوته ، فإنخلع من مكانه للحال ..
ولج "إياد" للداخل مسرعا .. ليتسمر بأرضه فجأة ، و يسكن بلا حراك ..
تجمدت عيناه في محجريهما لدي رؤيته "هنا" .. كانت هناك ..
ملقاه فوق فراش عريض .. جسدها ملتف بملاءه بيضاء ملوثة بكمية رهيبة من الدم أحالت لونها الأبيض إلي الأحمر القان ..

************************************

المظفار والشرسهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن