-يا ربي ! انا هلاقيها منين و لا منين ؟ اهدي يا بنتي يا حبيبتي و ماتخافيش .. الحيوان ده مش هيقدر يقربلك تاني اوعدك.
قالت "دينا" هذه الجملة بشيء من الضيق تطمئن إبنتها التي جلست فوق فراشها منكمشة علي نفسها و قد تهدلت خصلات شعرها الملساء حول وجهها ، فيما قالت بخوف جم و هي تعض علي أصابع يدها بقوة:
-لأ يا ماما .. ده رجع ، و مش هيسبني .. مش هيسبني.
إقتربت"دينا" منها و ضمتها إلي صدرها قائلة بهدوء:
-رضوي حبيبتي .. اكرم مايقدرش يعملك حاجة ، خلاص انتوا اتطلقتوا بقالكوا 3 سنين و مافيش اي حاجة بتربطكوا ببعض .. و كونه رجع و قابلتيه و حاول يكلمك ده مش معناه انك تخافي كده .. هقولهالك مرة كمان .. اكرم مايقدرش يعملك حاجة ، كبيره يطاردك فترة و انتي لازم تبقي قوية و تعرفي ازاي تتعاملي معاه.
و صمت لثوان ، و تابعت بتهكم مرير:
-لازم تعتمدي علي نفسك .. خلاص ، انا و انتي مابقالناش ضهر ، ابوكي و اخوكي في عالم تاني و مش سائلن فينا.
ثم أضافت تمدها بالقوة و الصمود:
-و انا مش هاسيبك يا حبيبتي .. هفضل جمبك و لا يمكن هسمح لأكرم او لغيره يآذيكي بأي شكل من الاشكال.
في تلك اللحظة .. سمعا طرق علي باب الغرفة ، أعقبه دخول الخادمة التي وقفت بمكانها و تنقلت بنظرها في توتر من وجه "دينار" إلي وجه "رضوي" الغارق بدموعها ، ثم قالت بإضطراب متردد:
-الـ .. الاستاذ اكرم .. طليق الست رضوي جه تحت ..
ثم رفعت يديها و أضافت:
-قال الشنط دي وقعت من الست رضوي في جراج المول انهاردة الصبح وهو جه يرجعها ، و كمان قال عايز يقابلها !
عند ذلك .. صاحت "رضوي" بذعر و هي تنتفض بعنف:
-شفتي يا ماما ؟ قلتلك ، قلتلك مش هيسبني.
هدئتها أمها بصرامة:
-يا بنتي اهدي .. قلتلك مش هيقدر يعملك حاجة !
ثم أدارت وجهها إلي الخادمة و سألتها بجمود:
-هو فين ؟؟
أجابت الفتاة بهدوء:
-انا قعدته تحت في الهول الصغير !
أومأت "دينار" رأسها ، ثم إلتفتت إلي "رضوي" و طمئنتها للمرة الأخيرة:
-ماتخافيش ، انا هنزل امشيه و راجعالك.
و غادرت الغرفة إلي الطابق الأرضي ، ثم إتجهت إلي قاعة الجلوس الصغيرة حيث جلس "اكرم" هناك فوق أحد المقاعد الوثيرة ..
نهض فور أن رآها تتجه صوبه ، بينما وقفت "دينار" في مواجهته بوجه قاتم متجهم ، و إنطلق صوتها الحاد يسأله بإستهجان:
-خير يا اكرم ؟ جاي هنا عايز ايه ؟؟
إبتسم "أكرم" بخفة قائلا:
-ازيك يا دينار هانم ؟ اخبارك ايه ؟؟
بلهجة عنيفة ردت "دينار":
-مالكش دعوة بيا و جاوب علي سؤالي احسن بدل ما انده البواب و الخدم كلهم يرموك برا.
كبح "أكرم" موجة غضب عارمة كادت تففده أعصابه إذا إنجرف وراءها ، ثم قال بهدوء:
-انا جاي لرضوي !
سألته بجفاف:
-و عايز ايه من رضوي ؟ انت مش طلقتها خلاص ؟؟!
-كانت اكبر غلطة في حياتي .. انا جاي انهاردة عشان اتكلم معاها و اقنعها ترجعلي.
بإستخفاف قالت "دينار":
-ترجعلك ! انت اكيد مش في وعيك يا اكرم .. انت ناسي انت عملت فيها ايه ؟ .. رضوي بتكرهك ، مابقتش تحبك زي زمان ، عمر اللي بينكوا ما هيرجع تاني و لا عمرها هتآمنلك.
إقترب منها "أكرم" خطوة و قال يستجديها بلهجة مهذبة:
-دينار هانم .. ارجوكي خليني اقابلها و لو خمس دقايق بس .. محتاج اكلمها في موضوع مهم ، انا متأكد انها هتسامحني و هتوافق نرجع لبعض.
قهقهت "دينار" بسخرية و قالت:
-كان عندي حق لما قلت انك مش في وعيك .. انت متخيل انك ممكن تآثر عليها بكلمتين !!
قطب "أكرم" غاضبا ، و قال و هو يضغط علي أسنانه بقوة:
-دينار هانم .. انا لازم اشوف رضوي ، لازم اكلمها ، لازم تسمعني.
صاحت به "دينار" بحزم:
-انت لا هتشوفها و لا هتكلمها .. و لو فكرت تقرب منها بس هاوديك في داهية و وقتها ماتلومش الا نفسك.
ثم بإقتضاب حاد:
-و دلوقتي اتفضل منغير مطرود.
وقف "أكرم" للحظات يحدجها بنظرات محتقنة ، ثم تجاوزها و سار خارجا من المنزل بخطي واسعة غاضبة ..
بينما زفرت "دينار" بإرتياح و صعدت إلي إبنتها مجددا ..
قفزت "رضوي" من فوق فراشها متجهة نحو أمها و سألتها بصوت مرتجف:
-اكرم مشي ؟ مشتيه ؟؟
أحاطت "دينار" وجه إبنتها براحتيها قائلة:
-مشي يا حبيبتي .. مشي اطمني.
ثم ضمتها إلي صدرها و راحت تمسد ظهرها بيديها و تهمس بأذنها كلمات طيبة حتي سكن روعها و هدأت تدريجيا ..